الكريسماس بقلم أ. محمد كمال سالم
_سأذهب الآن ومعي مناديلي الورقية أشاركهن جلستهن.
تأتيني الأعياد والمناسبات السعيدة, ممزوجة بالشجن، أُشغلُ أغنياتي القديمة، وأعود لألبوم الصور.
لا أتذكر كم عيدا لرأس السنة مر بي, هم كثر, مروا مثل باقي أيامي, حلوها حلو, ومرها مر, فقط يعلق بذاكرتي ما ترك في القلب ندبة ما. سهرة سعيدة بين أصدقاء الشباب, غاب منهم البعض, ورحل منهم البعض مبكرا, وترك في الحلق غصة وألم.
_دفء البيت, أمي تعد بعض الحلوى الشهيرة في ليالي الشتاء الباردة, إخوتي كلهم هنا, لم يسافر منهم أحد بعد, أو تزوج وترك البيت, نستعد لحفلة أضواء المدينة, في عيد الربيع, رأس السنة, وقفة العيد, ثلاثة من الأولاد, ومثلهن بنات, وأمي وأبي, مع فريد الأطرش, أو عبد الحليم حافظ, نجاة الصغيرة, أوفايزة أحمد, يصدح التلفاز بأغنيات الشجن, ننتشر في كل مكان بالبيت, نستمع بشجن, في أيدينا الكتب, كنا نستذكر دروسنا ونحن نستمتع بها, وإذا أصبحنا وجدناها مدونة في دفاترنا، ثم نرددها.
_ الآن عندما يأتيني أولادي وأحفادي, كثيرا ما أنسى وأناديهم بأسماء إخوتي, يضحكون مني, _فأنا مازلت هناك.
_ ومنها مناسبات قضيتها في سهر لوقت متأخر, في عملي, بينما كان من المفترض أن أكون وسط عائلتي, أحتفل معهم كباقي البشر بليلة رأس السنة.
أصبحت أدرك الآن, لم كلما اجتمعت عماتي وخالاتي مع أمي, كان سمرهن البكاء, كنا نسخر وقتها منهن ونقول: (بدأت جلسة العياط) يلتففن حول صينية القهوة الخشبيية, فوقها السبرتاية والكنكة وفناجيلهن الصغيرة, يتناوبن طهيها المتصل, مازالت رائحة البن خاصتهم تعبس برأسي, يبدأن حديثهن بتبادل النكات والقفشات, يتنمرن على بعضهن البعض, فقد كن صديقات قبل زواجهن, يجتررن الذكريات التي, يخرجن على أثر تذكرها مناديلهن القماش المزركشة حروفها بخيوط الحرير الملونة, ثم يشرعن في البكاء، بينما الراديو يصدح من بعيد، اشتقت إليك فعلمني، ألا أشتاق، علمني كيف تموت الدمعة في الأحداق.
التعليقات مغلقة.