“الكهانة”د.أحمد دبيان
الكهانة
د.أحمد دبيان
حينما بزغ فجر الأديان السماوية ذات الكتب المنزلة لم يكن هناك طبقة كهانة وكهنوت ، ولطفولة المتلقى شريعياً وقتها مع التوراة ( الشريعة والقانون ) طلبوا ان يكون هناك ممثلين قائمين على أعمال الشريعة فكان تحديد اللاويين ( من سبط لاوى فى خيمة الإجتماع للقيام بالشعائر ،ومع تحول الكهانة لطبقية تمايز ترسخ للاستلاب والاحتراب باسم الدين وباسم الشريعة كان ميلاد روح الله لتثوير فلسفة الدين ليصبح حملته صيادين وعشارين من العامة ، لضرب التمايز والثيوقراطية التى اصابت الشريعة الموسوية بالوهن وعطلتها عن ديناميكيتها ووثوبها وانطلاقها لتواكب الزمان والمكان وتطوراته ، ورسخت لتزاوج الطبقية الدينية والسياسية .
جاء المسيح ثورة فى عصره ، ليجعل الإنسان هو القبلة والكعبة وان الشرع جاء من اجل الإنسان لا كما رسخ الفريسيون والكهنة ان يكون الإنسان هو قربان الشرع والشريعة التى منهجوها لتؤطر تمايزهم ونفوذهم .
كانت الكنيسة الأولى باشتراكية المطعم والملبس والمسكن هى التى قامت وجاهدت وصلب حملة ثوريتها وتسامحها ،ونشرت تعاليم الإصلاح وتحقيق الشريعة الحقة بعد نزع أثواب زخرفها المدسوسة التى اصطنعوها لترسيخ نفوذهم فيكون الخلاص بالعشور وبالقرابين وبالأضاحى التى تصب فى خزائن المتكهنين ،
جاءت رسالة المصطفى عليه الصلاة والسلام ،لتكمل ثورية أخيه ، فكان النص قاطعا ملزما ” لا كهانة فى الإسلام “.
انتشرت الدعوة بين المستضعفين والفقراء والعبيد ، لتضرب نفوذ الكهانة السلطوية التى حولت الكعبة لمغارة لصوص ،كما حول أبناء عمومتها فى هيكل الله بيت الرب لحوانيت ومصارف ، ترتدى ثوب الدين لتراكم ثروات المتاجرين بالدين وبالدنيا .
انطلقت دعوة الإسلام المحمدى لتضرب التمايز والعصبية واحتكارات الثروة .
كان القاسم الأبرز فى دعوة المسيح وأخيه المصطفى هو ضرب نفوذ الكهانة الوضعية المرسخة للسلطوية السياسية المتزاوجة مع احتكارات الثروة ، ولهذا كان الإطار العام لمجتمعات المسيحية والإسلام الأولى ، هو الاشتراكية الاقتصادية والاجتماعية .
مع تأطير الحكم السياسي واستخدام الدين وتوظيفه وتأطيره سياسيا ، سواء بوجود قسطنطين الأول ودوره والذى يتوازى مع دور معاوية ، فى نفس الإطار والمنهج كان التمدد الإمبراطوري واستلاب الدين من جوهره التنموى الاجتماعي البشرى وتوظيفه غيبياً ، ليخدم نظرية الحكم الالهى ، وليبرر التوسع العسكري والسياسي .
فكانت الحروب الإمبراطورية والحروب البابوية ،والتى انتهت لصدام مسلح بين مشروعين يستخدمان نفس الأدوات عينها،بتمازج النظريةالسياسية الإمبراطورية مع الإطار الديني الخادم للمشروع .
لا كهانة فى الدين هو الجوهر الأهم لميراث الأرض ،وان كانت هناك لقاءات هنا وهناك تحاول تزيين وجهاً يجب ان يتوارى ليفسح السبل لنظريات أخرى تجب نظريات الحكم الالهى ، والتى تخطاها الزمن ليكون الإنسان كما أراد له الله هو القبلة والكعبة والهيكل والخليفة .
التعليقات مغلقة.