اللاهوت والجغرافيا السياسية
اللاهوت والجغرافيا السياسية
د.أحمد دبيان
هناك مقولة شهيرة لأشهر منظرى الإستراتيجية الأمريكية هنرى كسينجر يقولها ساخراً ، مستهزئاً :
إن العرب يستدعون التاريخ بطريقة مرضية، ويجب أن ينظروا للممكن والمستقبل.
يختزل الثعلب اليهودى الأمريكى الحاضر والمستقبل والرؤى مشتتاً البصر والأذهان عن ما جبلت عليه السياسة الأمريكية بعد ميراث الإمبراطوريات المتقزمة من انجلترا وغيرها وربيبتها المولودة سفاحاً إسرائيل .
التاريخ يحضر وبقوه فى نشأة أمريكا وإسرائيل ،بل ونستطيع أن نقول جازمين أن نشأتهما هى إستحضار تاريخى مبتور ومزيف ومشوه .
كان لإنهيار الخلافة فى الأندلس والخروج الأخير لآخر ملوك بنى الأحمر و إجبار من بقى من المسلمين على التحول للمسيحية وبروز محاكم التفتيش ثم نشأة الأمبراطورية المسيحية الأسبانية وإجتياح البحار المجهولة أملاً فى أكتشاف طرق بعيداً عن السيطرة الإسلامية الفضل فى أكتشاف طريق الأمريكتين .
بدأت الهجرة من أوروبا وكان لإستحضار سفر الخروج ، خروج بنى إسرائيل من مصر إلى الأرض التى تفيض لبناً وعسلاً الفضل فى الشحن المعنوى للمهاجرين الى الأرض المجهولة الجديدة، فنجد فى كنائس الأرض الجديدة الراعى فى عظاته يستدعى هذا الحدث ليغلف هجرتهم ووجودهم وقتلهم للهنود الحمر بالصبغة الدينية .
وكما كان الزعم بأن أمريكا أرض بلا شعب
كان نفس الإستدعاء التاريخى الصهيونى أن فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض.
فكان الجرح النازف فى جسد الأمة العربية حتى اليوم …..
إتفقت المسيحية الصهيونية أو كما تجب تسميتها بالإختراق الصهيونى للمسيحية البروتستانتية من مارتن لوثر لكالفن بأن اليهود هم بركة الشعوب وأن المسيح ولد يهودياً ولعودته ليحكم العالم ألف عام ،يجب أن يعود فى مكان بعثته بين قومه ولذا يجب مساندة اليهود بل ومنحهم الحق فى العودة حتى على حساب شعب آخر مع ايمان اليهود بأن ال ها ماشيح أو المسيح اليهودى القادم من سبط يهوذا لم يأتى بعد وانه سيأتى ليحكم العالم ويصير الجوييم أو الأغيار عبيداً لليهود ….
فآمن دهاقنة المسيحية الصهيونية بأن لعودة المسيح يجب أن تقوم حرب مدمرة إستدعوها بتفسير ملوى لسفر يوحنا اللاهوتى وأسموها
Armageddon
وكان الرئيس الأمريكى ريجان وبعده بوش يستدعيان نار هرمجدون المحرقة و
Gog and Magog
أو يأجوج ونأجح
ويسقطونهما على المسلمين ونسل ماشك أو( الروس )ويافث أو(الصين)
أعتذر عن هذه المقدمة الطويلة لكنها المدخل الوحيد لفهم ما يدور حولنا .
إستدعاء الحركات التى تلتحف بعباءة الدين من إخوان وسلفيين وإستخدامهم لإشعال فتن ما إصطلح تسميته بالربيع العربى بل وأجزم أيضاً أن ميلاد داعش المشبوه وقبلها القاعدة وإستحضارها إلى المشهد وتقويتهم مرحلياً والترويج لهم ولجرائمهم ثم محاربتهم والتدخل المباشر لتعجيل الحرب الكونية أو
Armageddon
يأتى أيضاً فى نفس السياق التفسيرى المريض والإستدعاء المشبوه المغلوط للتاريخ .
يكفى أن نرى منظرى سايكس بيكو الجديد من برنار لويس لجين شارب وبرنار ليفى وانتماءاتهم لندرك أنه إستحضار مشبوه للتاريخ.
ومع تصعيد التوتر فى المنطقة ،
ورغم أدراكى ان حرباً شاملة اكبر من كلفة اى طرف بما فيها امبراطورية فيتزجرالد الآفلة
وفى ظنى ان أديب عصر الجاز كتب قصته
The curious case of Benjamin
Button
رمزا تنبؤياً لحال امريكا
يحق لنا ان نتساءل وفى ظل تعاور صفقات القرن والألفية فى اصرار الوحش الذاوى أن يدمى الجميع معه قبل إنحسار نفوذه .
هل لا زال الاستدعاء اللاهوتى التأويلي المغلوط هو ما يحكم التصعيدات فى منطقتنا المثقلة بالتراث والأساطير والروحانيات ،وثروات اقتصادية وجغرافية كانت ولا زالت مطمعاً للجميع ؟ !!
التعليقات مغلقة.