موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

اللاوعي واللامألوف..سريالية سردية قراءة بقلم/ أسامة الحواتمة لنص * سجين رقم ٦ * للأديب / جمال الخطيب

286

اللاوعي واللامألوف..سريالية سردية
قراءة بقلم/ أسامة الحواتمة
لنص * سجين رقم ٦ *
للأديب / جمال الخطيب

النص

‏اسمه قاسم أو عبد الكريم ، وربما زكريا، وقيل ان اسمه محمود ، طارده الكابتن (بلاك ) الإنجليزي على طول الجليل في قرى ترشيحا وشِعب حتى مشارف يعبد، يقال انه احب زينب ابنة الشيخ سلمان بالتبني، ولم يشعر بلسع الجمر تحت قدميه الحافيتين حين مشى فوق رماد الموقد صبيحة ذلك اليوم، وعندما أخبر الشيخ معلم المدرسة بالقصة سماه ( العاشق )*..تركه غسان كنفاني ينتظر في إحدى زنازين سجن عكا ..ولم يكمل الحكاية.
تسكن الأسماء حيطان الزنازين الإسمنتية الشرسة، ولا تكترث بالزمن، يحفرها اصحابها غائرة بملعقة طعام أخفوها في ثيابهم، تراقب من يدخل، تقول له اطمئن، نحن هنا، تقفز أمامك فجأة، وهكذا أصبح قاسم سجين الزنزانة السادس، هو يعرف المكان والجذور في التراب أكثر، ويعرف رمل البحر القديم، وكان باطن الارض متواطئا يفتح قلبه الصلد .
الأرض بكر في الخارج حتى حدود البحر ومرج ابن عامر، يتسلق العوسج شقوق الصخور العنيدة، وتنتشر رائحة الزعتر الحارق على جنبات دروب الماعز الضيقة في شعاب جلبوع حين تدوسها حوافر فرسه المتيقظة سنين المطاردة الثلاث، تواطأت الأرض معهم وفتحت لهم في بلاط الزنزانة ثقبا.
قفز قاسم او عبد الكريم او محمود او زكريا – أياً كان- عبر الثقب ..كانت زينب تهم بالهروب من أمامه خجلا حين رأى وجهها، وكانت جميلة، وكان الشيخ سلمان ما يزال واقفا على عتبة الدوار يراقب قدميه الحافيتين وهي تدوس رماد الجمر المختبيء، ترنو اليه الفرس بحب، تهمهم: أن الوقت لم يحن بعد .
تطاول العوسج في الشقوق، وامتلأ الجو برائحة الزعتر الحارق، أخبرته أن الكابتن (بلاك) ما زال يبحث عنه، وأن الطرق الجبلية الضيقة الى الجليل وحتى جنين تحت العيون، وان عليه ان يكون حذرا.
‏يقف الزمن على صهوة حصان، يملأ رئتيه هواء البحر الرطب القادم من الغرب، ينحني بجسده على عنق الفرس في الظلام، يصبحان جسدا واحدا، يبدوان كائنا خرافيا يخب على أربع، تسكن الأسطورة مخيلة الناس، يتوجس أعوان الإنجليز عند سماعها.
‏يهمهم، لم يحن الوقت بعد، ينزله عن ظهره، يشم شعره، يداعب عنقه بأنفه، يدفعه برأسه بين كتفيه إلى الأمام، ويودعه .
‏يحدق قاسم في الأسماء الغائرة على جدار الزنزانة، كانت خمسة، ما تزال محفورة هناك.
‏يترك كنفاني قاسم في سجن عكا، يخبره ان الكابتن بلاك لن يبقى طويلا .
‏يغمض عينيه ويعود إلى الجدار .
………………….

  • العاشق : رواية غير مكتملة للشهيد غسان كنفاني .
    جمال الخطيب..بيت لحم / فلسطين
    ………………..

القراءة .. للأستاذ أسامة الحواتمة

النص مسرود بتقنية سريالية من قبل وعي الراوي لينقل للقارئ هذا الحدث (لفكرة الهروب من السجن) بأسلوب الرؤيا اللاواعية، فرغم أن حكاية الحدث كانت من صميم الواقع خبرا يعلمه المتلقي بجميع مستوياته الثقافية، إلا أن نقل الحدث كان بتقنية سريالية تُحوّل الواقع إلى اللامألوف بهدف إعادة تشكيل (خبر هروب المساجين الستة) في مخيلة المتلقي كما يحب المتلقي رؤيتها، فكان السرد يسمح لإعادة عرض المشهد بطريقة بوليسية أو غرائبية أو تشكيلية(لوحة على جدار السجن تختزل شخصيات ومدارات الحدث برسوميات سريالية، لتكون لمن بعدهم كالجمر المخبوء تحت الرماد، فلا يُنسى نُبل القضية).

المكان الواقعي للحدث هو سجن داخل أرض محتلة، والمكان الاستعاري للحدث هو ما تحت الرماد، والمكان السيريالي للحدث هو مخيلة الراوي بالشراكة مع مخيلة المتلقي.

أما الزمن الواقعي للحدث، كان من بداية هروب المساجين من السجن وحتى إعادة أغلبهم إليه، والزمن السريالي للحدث، كان منذ تواطؤ الأرض لهروبهم حتى تشكل الرماد ليبقى ما تحته جمرا فيشتعل من جديد في يوم يدري به حصان القصة المتوقف زمنيا منذ إبعاده ميادين القتال.. هذا بقرينة همهمته: (لم يحن الوقت بعد).

هذه قراءتي من زاويتي كمتلقي للنص ولا أزيد عما فصّله دررا الناقد الكبير الأستاذ محمد البنا بل حتى قراءته هي التي كونت رؤيتي للنص مشكورا عليها.

التعليقات مغلقة.