اللعين ..بقلم.. نجوى عبد الجواد
أسمع صوت خطواته، وأحيانا نبض قلبه! يروح يجئ ، يتفاعل مع آلام أمى، يتنقل من حجرتها لحجرة الطبيب :هى اتأخرت كده ليه؟
لسه يا أستاذ بدرى.
هى تعبانة
ده العادى
الواد كده تجرى له حاجة.
احنا أدرى بشغلنا.
يكظم غيظه ويعود لحجرة أمى. يسمع تأوهاتها، يحتل اللعين قلبه ويسيطر على عقله. يسرع إلى الطبيب مش هننتطر عاوزين قيصرية.
يا أستاذ مش محتاجة، شوية صبر.
لا، لا، خلاص حسمنا أمرنا.
براحتك خلاص.
جئت إلى الدنيا صارخا، فرح أبى و حملنى بين يديه سعيدا.
الجو معقول لكننى أموت من الحر؛ فانلة وبامبرز وبيجامه وكوفرته أو بطانية . اللعين سكن قلب أمى أيضا لو استطاعت إخفاء وجهى لفعلت لكنها تركت عينىَّ لأشاهد هذه الدنيا الغريبة. معدتى آه يا معدتى ! كم استقبلت من أدوية! إن صرخت صرخة من ناموسة لقيت نفسى بتقلب يمين وشمال وبخلع هدومى فوق وتحت وألاقي شنطة الدوا في انتظارى والضحية معدتي.
اليوم فرح؛ لقد أخرجونى لألعب في الشارع بعد أن بلغت ست سنوات. تبادلنا الكره، جرينا سعداء أنا ميسى وهو أبو تريكة، من يتفوق، من يجرى ، من يسجل…. وقعت على الأرض، فُتِح حاجبى ، خرج اللعين من قلوبهم وحكم علىَّ لا لعب بعد اليوم، عندك فى البيت كل حاجه، لما ييجوا ولاد عمك ولا خالك العب معاهم.
من شهادة الإبتدائية إلى الثانوية يقفز هذا اللعين أمامى ؛ أم مرعوبة وأب يحاول أن يتماسك. سكنهم المرض وانتقلت لى العدوى ترجيع ومغص وتوتر قبل الامتحان.. أمسك بالقلم بصعوبة، ألوذ بالقرآن ربما… وللمفاجأة صرت طالبا فى أولى طب. قائمة النصائح تسبق بداية اليوم الدراسى الأول كتبها هذا اللعين :لا سياسة، لا اشتراك في أسر، لا علاقات مع البنات، توخي الحذر مع الأولاد.. احذر احذر ثم احذر ثم احذر. أوجد لك حائطا تسير بمحاذاته ولو تمكنت من فتحه ادخل فيه!
“فى حالى ” هذا تلخيص السنة الأولى في الكلية. صعبت على الزملاء اقترب منى بعضهم استجبت وسعدت وقفز اللعين لتُجرى التحقيقات من هم؟ ما أهدافهم؟ لماذا اقتربوا؟ وحينما ثبت حسن النية توارى خجلا. الأول على الدفعة دائما لاحظت الإعجاب في عينيها واستجبت للتعارف سعدت بها لكن قائمة التعليمات جعلتنى حذرا . سيارة الشرطة فى شارعنا، نزل معهم جارنا وابنه، إنسان محترم وابنه شاب مهذب سرت فى جسدى رعشة، لا علاقة لنا بالشرطة نحن لانخطئ، ولانسمح لأنفسنا بمخالفة القوانين حتى لو خالفها غيرنا. اقترحت السؤال على زوجة الجار ومعرفة سبب ماحدث أخرج إلينا اللعين السبابة محذرا. كتمت غضبى وسرت مسافة طويلة حتى سور الجامعة حيث سرت بمحاذاته لا أحيد عنه حيث المحاضرة التى وُجدت فيها جسدا فقط!.
احتفال كبير في البيت تعيينى معيدا خبر سعيد للأسرة، الدور على العروسة . بعد فترة أثير الموضوع حدثتهم عن تلك التي حركت مشاعرى فى الجامعة اللعين كان رابعنا فى الجلسة :ودى نعرفها منين يابنى ونعرف أخلاقها منين. لا لا اللى تعرفه أحسن من اللى ما تعرفوش.
أيوه بس دى زميلتى وشكلها… يا ابنى المظاهر كدابه بنت خالتك مالها زى السكر وهتصونك وهتسعدك.
انتصر اللعين وها أنا أحضر ولادة ابنى الأول ليس من الخارج ولكن من حجرة الولادة مع طبيب زميل.
اصبر عليها شويه يا دكتور هتولدطبيعى.
لا، اتأخرت كتير.
أنت دكتور وعارف. صمت حين قال هذا. ظهر اللعين أمامي وتسلل الى داخلى .. لا، لا، القيصرية أحسن.
لكن يا دكتور…
حسمنا أمرنا خلاص.
تمت
نجوى عبد الجواد/مصر
التعليقات مغلقة.