موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

اللغة كائن حي بقلم د.وجيهة السطل

143

اللغة كائن حي بقلم د.وجيهة السطل

كلمات تحت المجهر ( شاطر)
رحلة دلالية

نعلم في قانون التطور الدلالي أو تخليق المصطلحات الجديدة، أنه لابد من خيط معنوي يربط المعنى اللغوي للكلمة بمعناها الاصطلاحي.
فالمذياع لغة هو الرجل الذي لايكتم سرًّا.وهو هذا الاختراع الصوتي الذي ينقل الكلام بالكهرباء عبر الأثير. والخيط بينهما التدفق بالأخبار ما إن تفرك أذنه وتسمح له.بالكلام مستمعًا إليه .
والشرف المكان المرتفع عن الأرض ومنه الشرفة.وكذا سمو الخلق .والخيط الرابط بينهما الرفعة والترفع عن الدنايا.

ولنتأمل كلمة شاطر ، وهي من الألفاظ الدارجة، والكلمات التشجيعية الشائعة في قولهم للطفل وللتلميذ:( شاطر ) ويعنون به الحاذق الماهر ،فما أصل الكلمة لغة ؟ وهل هذا ما تقوله المعاجم عنها؟؟وهل سارت في حياتها وفق قانون التطورالدلالي لألفاظ اللغة؟؟

الجواب المفجع لا!!! بل إن المذكور في كتب اللغة – قديمها وحديثها – هو معنى مغاير تمامًا للمعنى الاصطلاحي المتعارف عليه اليوم!!!.

■ شاطر لفظ يعني في كتب اللغة (الخبيث الفاجر) :
وسأحاول في هذه الدراسة أن أجد الخيط الذي أوصل المعنى المستقبح الكريه، إلى معنى محمود محبوب.

قال الخليل بن أحمد الفراهيدي في كتاب ( العين ٦/٢٣٤) : ورجل شاطر وقد شطر شطورًا وشطارة وشَطارًا : وهو الذي أعيا أهله ومؤدبه خبثًا .

وذكر أبو بكر الأنباري في كتابه ( الزاهر في معاني كلمات الناس ١/١١٥) أن في معنى كلمة ( شاطر ) قولين عند أهل اللغة : أحدهما (المتباعد من الخير) والآخر ( الذي شطر نحو الشر وأراده) .
وقال الزمخشري في (أساس البلاغة ١/٤٧٦) : وفلان شاطر : خليع , وشطر على أهله : راغمهم .أي هجرهم وعاداهم.

وقال القلقشندى في (صبح الأعشى ١/٢٤٨) :
فالشطار جمع شاطر, وهو في أصل اللغة: اسم لمن أعيا أهله خبثًا.يقال منه : شَطَرَ وشطُر بالفتح والضم شَطارة بالفتح فيهما معًا.ثم استعمل في الشجاع الذي أعيا الناس شجاعة ،وغلب دورانه على لسان العامة،فامتهن وابتذل. وكأنه يعني به هنا الماكر ذا الحيل واللف والدوران،حتى الوصول إلى مبتغاه.

وقال الفيروز أبادي في (القاموس المحيط – مادة شطر) : الشاطر مَنْ أعيا أهله خبثًا، وشطر عنهم : نزح عنهم مراغِمًا .

وجاء في المعجم الوسيط : (الشاطر) : الخبيث الفاجر.
وما ذُكِرَ – آنفًا – من كلام أهل اللغة هو المعروف المستعمل في كلام الفقهاء والمحدثين وغيرهم، ومن ذلك :
قول ابن معين في ( الحًسين بن الفرج الخياط البغدادي ) : كذاب صاحب سكر شاطر .(الجرح والتعديل لأبي حاتم ٣/٦٢)
وذكر الذهبي في (٨/٤٣٧) عن الفضل بن موسى قال : كان الفضيل – ابن عياض – شاطرًا يقطع الطريق.
وفي لسان العرب:
“الشَّطْرُ: نِصْفُ الشيء، والجمع أَشْطُرٌ وشُطُورٌ.
وشَطَرْتُه: جعلته نصفين.
وبيت الشعر من شطرين أي جزأين متساويين في التفعيلات نوعًا وعددًا.

شطر في معجم مختار الصحاح:


ش ط ر: شَطْرُ الشيء نصفه وجمعه أشْطُرٌ و شَاطَرهُ ماله إذا ناصفه .
وقصد شَطْرهُ أي نحوه. ومنه: ( فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام) .
والشُّطار في مأثور التراث.هم قطاع الطرق.
وتحوي كتب التراث العربي منذ أمد بعيد حكايات «الشطار والعيارين» بوصفهم جماعة من اللصوص المتمردين الذين شكلوا في لحظات تاريخية بعينها حالة من الإدانة والثورة على أنظمة الحكم الجائرة، والذين طالما نالوا إعجاب العامة في عصرهم فتعاطفوا معهم وأشادوا بأفعالهم ،وتستروا عليهم ،ورددوا قصصهم ،ونوادرهم ،و
بطولاته وتناقلوها جيلا بعد جيل؛ حكايات تروى شفاهية مصحوبة بالكثير من المبالغة والتضخيم الذي يمزج الحلم والخيال الشعبي بالواقع المعيش .والوقائع التاريخية بالخيال الأدبي،.وقد وصلت أهميتهم لدى العامة مدى جعلهم يرون أن من لا يروي أشعار «الشطار والعيارين» فإنهم لا يعدونه من الرواة. وحين جاء عصر التدوين احتفظت كتب التراث والتراجم والطبقات والسير والأدب والشعر والنوادر والحكايات بالكثير من حيلهم وخدعهم وأساليب حياتهم وأنماطها.
وذكر الدكتور محمد رجب النجار في كتابه «الشطار والعيارين .. الجانب التاريخي لحركات «الشطار والعيارين» والجوانب الفنية المتعلقة بذلك الأدب غير الرسمي الذي عرف «بأدب اللصوص»، في محاولة منه لطرح قضية إعادة النظر في تاريخ ثورات العامة ،وانتفاضاتهم وحركاتهم الشعبية ،التي تزعمها الشطار والعيارون الذين ظلوا يعيشون على هامش المجتمع بوصفهم خارجين على القانون وبالتالي «خارج التاريخ» في عرف السلطة ومؤرخيها. وذلك على اعتراف بعض هؤلاء المؤرخين بدورهم في تزعم حركات المقاومة الشعبية في «بغداد ودمشق والقاهرة» ضد الغزاة والمحتلين والدخلاء في تلك الأوقات التي كان فيها النظام الرسمي يعاني من الانهيار.

جاء في العامي الفصيح – أحد إصدارات مجمع اللغة العربية بالقاهرة – الشاطر في العامية :

الماهر في عمله ، وفي الفصحى : الخبيث الفاجر .
قال الشيخ بكر أبو زيد – رحمه الله – في (معجم المناهي اللفظية ) : الشاطر هو بمعنى قاطع الطريق، وبمعنى الخبيث الفاجر ، وإطلاق المدرسين له على المتفوق في الدرس خطأ، فليُتَنبَّه له

وجاء في لسان العرب لابن منظور:


(وعند الصوفية : السابق المسرع إلى الله , والفهِم المتصرف)

أجل أجل.. هنا مربط الفرس.
(الشاطر) في اصطلاح الصوفية : هو السابق المسرع إلى الله .فانظر كيف سرى هذا الاصطلاح الصوفي إلى تلقيب كل مجتهد يجدُّ في عمله به.

في وقفة منطقية فلسفية نفسية،أمام هذا التغير الجذري لمعنى الكلمة من النقيض إلى النقيض، وكيف تمَّ العزوف عن المعنى السيئ،الذي حفظته المعاجم، وانتقل الأمر إلى استعمال اللفظ بمعناه الشريف اللطيف المحبب إلى يومنا هذا؟؟؟!!!
أقول: لعل اتساع المجتمع الديني منذ عقود بعيدة، وقرب الناس من حلقات الذكر، وحبهم للصوفية،الذين يرون أنها الإسراع إلى طريق الله، والسير فيه بحب. جعلهم يستسيغون هذا المعنى للشطارة،
فأسقطوه على كل خاذقٍ يجوِّد في عمله،ويتفوَّق فيه،من طلاب العلم وغيرهم.
ولعل تطورًا دلاليًّا جديدًا يطل برأسه في الأفق، فنراهم أحيانًا يطلقون على من يستخلص حقه من براثن المغتصب، (شاطر).بصرف النظر عن الطريقة التي حصل بها على حقه.وفي بعض البلاد العربية يسمون الرشوة شطارة.
هذا والله أعلى وأعلم.
وللجميع تحياتي

التعليقات مغلقة.