” اللِّقَاء الأول “خاطرة أدبيّة
بِقَلم /حُسام الدِّين طَلعَت.
اللِّقَاء الأول:
التقينَا كأنَّنَا وليفَان افترقَا مُنذُ سَاعَةٍ أو أقَل، تَبَادلنَا سَلام الأيدِي والعُيون، وقتُهَا سَرىٰ دفءُ الاشتِيَاق في أنَاملنَا ومنها إلىٰ القَلبِ.
واحتضنتُ عُيُونَهَا في عُجَالَةٍ، كَمْ رَجَوتُ اللِّقَاءَ! كَمْ اشتقتُه!
وهَا هي تبادِلُنِي عِناقَ العُيُون الخَجُولَ تَارةً والجَسُورَ تَارةً أُخرىٰ.
بحثنَا عَن سَاحَةٍ تَعتَنِقُ دينَنَا؛ لنَبُثَّ أشوَاقًا وأحلَامًا ونَسكُبَ زُلَالًا في ثَنَايا النَّفس الجدبَاء.
تَأبَّطت ذِرَاعِي الأيسَر قُربَ قَلبِي، فَهَبَّ مِن غَفلَةٍ كَادت تُودي بِهِ، وتَعَلَّقَ بكَيَان قَلبِهَا.
لَمْ يَشعُر أمَانًا أو حَنَانًا أو دِفئًا حَقِيقيًّا مِن قَبل، وكأنَّه وُلِدَ فِي هذه اللَّحظَةِ قَلبًا جَدِيدًا بنَبضٍ لَا يفنىٰ أبدا.
اتَّخذنَا مجلسًا؛ لأحتَضَنَ شَوقًا فِي عَينَيهَا، لتَتَشَابكَ الأقدَارُ والأنَامِلُ والشُّفَاه، ليحنُو الدَّهرُ علىٰ خَافِقينَا، ليُلَملِمَ مَا تَبقَّىٰ مِن سَعَادَةِ ويُلقِيهَا إلينَا.
قَالت لقَلبِي: أنتَ ألطَفُ شيءٍ فِي الحَياةِ.
قُلتُ لقَلبِهَا: أنتِ نَجمٌ فِي السَّمَاء.
رَدَّت: وأنتَ النُّور لذاك النَّجمِ.
أخبَرتُهَا: أتمنَّىٰ ألَّا نَفتَرِقَ أبدا.
قَالت: مُستَحِيل!
أحبَّبتُ عُيُونَها، شَفَتيهَا، خَديهَا.
أحبَّبتُ لَمسَ كفَّيهَا، وقُبَلًا علىٰ رَاحَتيهَا.
أحسَستُ بالحَيَاةِ نَعِيمِهَا، بالنَّقَاء فِي وُجُودِهَا، بالدِّفءِ فِي عِنَاقِهَا.
مَنحَتنِي كُلَّ شَيءٍ – دُونَ شَينٍ – فِي بُرهَةٍ مِن الزَّمَنِ.
وَعَدَتنِي بالحَيَاةِ قُربَهَا دُونَ وَعدٍ.
سَألتُهَا: أتُحِبِّينَنِي؟
قَالت: لَا رَدَّ لَدَيّ!
لَكنَّهَا تُعَانِقُ كَفِّي فِي ذَاتِ اللَّحظَةِ.
قُلتُ لَهَا: عِنَاقُكِ لِي أبلَغُ مِن الرَّدِ.
وأردَفتُ قَائلًا: أُحِبُّكَ يَا أغلىٰ مَا فِي وُجُودِي، يَا كُلَّ الوجُودِ.
التعليقات مغلقة.