المرآه
بقلم عمرو حارون
لم اجد أفضل من هذه الورقة البائسة مثل حالي الآن لأصنع منها باستخدام ذلك القلم مرآة لما احس به و لا يشعر به سواي دون سخرية أو تكبر أو تسويف ،
لا يهمني مصير هذه الورقة بعد أن انتهي منها مثلما لم يهتم بمصيري و حياتي أحد فهي مثلي يخط فوق صفحتها قلم شخص لا يحس بما في نفسها من الم و حيرة و لا يبالي بمستقبلها الغامض أخواتها من الأوراق ، ربما لأنهم يعلمون مسبقا بحكم التجربة أنهم سوف يبقون في حوزة شخص ما لا يلقي لهم بالا حتى يتكرم و يتعطف بملامسة صفحتهم بلمسة او كلمة طيبة أو غير طيبة ،
ما يشغل بالي الآن ليس مصيرها بل مصيري أنا ،مصيري في بحر الظلمات الذي اجد نفسي مدفوعة نحوه مسيرة غير مخيره بسب لعنة و نعمة جمالي و أنوثتي ،
هل استسلم لظلمات الجب كما استسلم يوسف عليه السلام و اقبل بالزواج من شخص يكبرني بعشرة أعوام لا أشعر تجاهه سوى بالخوف كلما نظر لجسدي تلك النظرة التي ينظر بها عم شحته الفقير لرغيف اللحم عندما أعطية له يوم عيد الأضحى ،
أم اقف و اقاوم و أقول ما اريده و اؤمن به كما فعل مؤمن القرية التي جاءها المرسلون في سورة يس ،فكانت عاقبته القتل و الموت ،
لا أعلم و لا أدري ماذا ستكون عاقبة اختياري حتى اقرر ،
لو قبلت الخيار الأول فهل سيكون مصيري مثل مصير يوسف ملك مصر أم سيكون مثل مصير أمي عمل للعصر والم بالظهر و لا كلمة شكر أو تقدير يعين على مصائب الدهر ، بلا مستقبل أو طموح سوى رضا الزوج و نجاح الأولاد وتنمي رؤية الأحفاد ،
و هل هذا سيء ؟؟
لا و لكن اليس من الأفضل أن اصنع لي مستقبلاً مع اسرتي و ليس لها فقط ، الا يحق لي ان أعيش و اتعلم و احب و اختار ؟؟ ،
ربما سيكون مصير هذه الورقة المسكينة بين يدي ابنتي إذا اكان الطريق الأول هو اختياري لتتعلم منها و ترى كيف سيقت والدتها لمصيرها مستسلمة كالنعاج فلا تفعل مثلي ،
و لتعلم أن الجمال و الحسن هو لعنة كما هو نعمة و الجسد الممشوق المليء بالثنايا و التفاصيل الذي سوف تراه في مرآتها هو غطاء ظاهره الفتنة و باطنة العذاب مثل الثريا التي بصالة بيتنا مليئة بالزخرفة و الثنايا الجميلة و ضوؤها يبهر العيون بينما تسري بها كهرباء ذات ضغط عالي و حرارتها مرتفعة تكاد تحرقها و لا احد يهتم ،
عندما اسير في اي مكان و يتمايل جسدي الفائر كما تصفه أمي و تهتز تضاريس لم اسعى لامتلاكها ، و لن انكر انني تمنيت ذلك ، أرى في عيون الرجال نظرات عم شحته تبغي هتك نعمة الستر عني لتتمتع برؤية قطعة اللحم قبل ان تلتهمها ، و في عيون الفتيات و النساء لمعة اعجاب و حسد ، فتضطرب نفسي و تتشقق أرضها عن عاهرة تضحك فرحة بغيرة زميلاتها لنجاحها في استدرار المال من زبون على النت يرغب في امتاع نظرة من جسمها بينما ترعد سماء نفسي بغضب القديسة التي تبصق احتقارا لما تراه من شهوة حيوانية قذرة ،
اتمزق بهذا الشعور في كل مرة أنظر في عيون من يراقبونني أو في مرآتي و لا احد يحس بي او يقدر ما انا به من حيرة و ألم ،
يا إلهي انت العليم القدير ، اتضرع إليك بدمعي و أشكو إليك ضعف قوتي و قلة حيلتي و هواني على الناس يا رب المستضعفين انت ربي و رب الناس اجمعين إن لم يكن غضب علي فلا أبالي،
سوف أترك الورقة التي بللتها دموعي و سوف اتركها ليوم أخر استدعي فيه هذه الحيرة و المشاعر لاعتبر منه انا او غيري و لن اصدق مرآتي الزجاجية التي تكذب علي و تقول انني مجرد جسد جميل فارغ لا هدف له سوى التمتع به و لن أكون مثلك يا ورقتي الضعيفة مستسلمة لمن يخط فوق سطوري كلماته ،
سوف اخط مصيري بيدي و بأمر الله و سوف اصنع مرآتي التي تعكس صورة نفسي و روحي أنا فقط كما اريد و ليس كما يريد شخص أخر أو مجتمع اعور ،
التعليقات مغلقة.