المرآة .. و العالم البعيد
بقلم ريهام الرفاعى
كانت تنتظر بشغف شديد عرض الرسوم المتحركة للفتاة الشهيرة التى كانت تعبر لبلاد العجائب عن طريق مرآة غرفتها تلك الشخصية التى استمتع وتعلق بها جيل الثمانينات والتسعينات .
لم تكن متفوقة دراسيا ” كما يريدونها ان تكون” لكنها كانت تقرأ لكبار الأدباء ، تقرأ ما تريده هى وليس ما يملى عليها، و كانت تمتلك من الخيال ما كان يقنعها بضرورة عبور مرآة غرفتها ايضا كى تصل لتلك البلاد الغريبة ، ، هذا العالم الرائع الملىء بكل شىء غير مألوف ومختلف وهى تدرك جيدا انها تحب كل ما هو مختلف . وفى كل مرة كانت تقترب فيها من المرآه كى تعبر منها كانت لا تصطدم سوى بعينيها، فترجع للخلف فى حزن وتتأمل المرآه ، لا شىء سوى ملامح وجهها ، لون بشرتها الابيض ، عينها الصغيرة ذات النظرات الطفولية التائهة، شفاهها الرفيعة التى تميز من يقولون الحقائق دائماً دون تزييف ، كانت تشبه جدتها غير المصرية وكانت قد اعتادت سماع كل من يراها ان يقول نفس الملحوظة ” ملامحها ليست مصرية هى تحمل ملامح قوم احتلوا مصر لقرون” كانت فى كل مرة تسمع فيها هذا التعليق تشعر انها مختلفة حتى فى ملامحها ،، هدوءُها كان مختلفًا ، تأملاتها للطبيعة ،عزلتها، كل شىء كان مختلف،، كان لها عالمها الخاص، لذا اقتنعت تماما انها خُلقت كى تعيش فى بلاد العجائب .
خطر لها خاطر يوما أن تحاول أن تنظر لما خلف المرآة، لكن لم يكن وراء المرآة سوى الظلام والحائط المصمت !
فى بعض الاحيان كان يخيل لها ان المرآة تبتسم لها فى سخرية من محاولاتها المتكررة والتى لا تنجح ابداً.
بمرور الوقت اصبح الجلوس أمام المرآة هو مصدر سعادتها تتكلم معها وتحكى لها عن تفاصيل حياتها ، أحيانا توافقها المرآة الرأى واحياناً أخرى تختلف معها وتلومها على أفعالها. علاقة صداقة نشأت لكنها علاقة ابدية لا يمكن أن تنتهى ابداً ،، فقد يخونك يوماً ظِلك اذا اختلفت زاوية الضوء أو صديق كنت تحكى له كل تفاصيل حياتك كأنه مرآتك لكن صورته تقرر أن تتحرك فجأة فى المرآه ، لحظتها تتأكد انه لم يكن انت كما كنت تعتقد، انه شخص آخر له إرادة اخرى ، هل تعتقد إن هذا مرعب؟ نعم ، لكن الأكثر رعباً هو ان تدير ظهرك لشخص ودود محب فترى صورته فى مرآتك قد تبدلت للنقيض ملامح ملأها الحقد والشر وتراه وهو يستعد للنيل منك ، لحظتها تكون المرآة هى منقذتك ، هنا لا مجال للخيانة اوالانفصال، هى مرآتك تحمل ملامحك التى تتغير يوما بعد يوم ، هنا الأسرار لا تذهب لمكان آخر ، فما وراء المرآه فقط حائط بائس حمل الكثير من الأسرار على مر السنين ورغم ذلك لم ينطق بحرف. …. هنا انت .
التعليقات مغلقة.