المعلم بين رسالته ومتطلبات حياته
بقلم / محمد البيلي
الرياض – كفر الشيخ
قُـمْ للمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيـلا
كـادَ المعلّمُ أن يكونَ رسولا
هنا يأتي السؤال
في زماننا هذا هل تُحسب هذه المقولة للمعلم أم تحسب عليه
لاشك أن المعلم هو أساس كل مجتمع ناجح
فمن ذا الذي علم الطبيب ليغدو طبيبا
ومن ذا الذي علم المهندس ليصبح مهندسا
ومن ذا الذي علم القاضي ليصبح قاضيا
فلا شك أن نهضة وتقدم المجتمعات قائمة على المعلم
فإحترام المعلم ورعاية حقوقه واجب وطني إذا أردنا نهضة حقيقية لمجتمعنا
لاشك أن المعلم بشر له متطلبات وعنده إلتزامات تجاه أسرته وأولاده ولاشك أيضا أن ضغوط الحياة دفعت البعض منهم للتخلى عن رسالته وجعلها فقط سبب للكسب المادي دون رحمة أو مراعاة لرسالته السامية
ولي مع البعض منهم تجارب مع أولادي في المراحل الثانوية خاصة تجسد قمة الإستغلال في أبشع صوره
ولكن هذه ليست قاعدة
فأصحاب القيم والمبادىء والرحمة من معلمينا القدماء والمعاصرين لاحصر لهم ندين لهم بالفضل ونكن لهم كل إحترام
فعلى المعلم أن يعي أنه صاحب أسمى رسالة في التاريخ
وعلي الحكومات أن تعي أهمية إعداده وتأمينه وتقديره
يُحكى أن الخليفة هارون الرشيد بعث إبنه الى الأصمعي ليعلمه العلم والأدب فرأه يوم يتوضأ و يغسل رجليه وابن الخليفة يصب الماء عليه
فاندهش الخليفة وعاتب الأصمعي قائلا
إنما بعثته إليك لتعلمه العلم و تؤدبه فلماذا لم تأمره بأن يصب عليك الماء بأحدى يديه ويغسل بالأخرى رجليك
والكلام لمن
لهارون الرشيد الذي حكم نصف العالم الذي كان يخاطب السحابة العابرة فيقول لها
أمطري حيث شئت فسوف ياتيني خراجك
وهذا الخليفة المامون كان قد طلب من الفراء أن يعلم ولديه النحو
وفي يوم من الأيام أراد الفراء أن يقوم من مجلسه فتسابقا الولدان الى نعل الفراء أيهما يقدمه له
إختلفا في من يفعل ذلك وأخيرا إتفقا على ان يقدم كل منهما واحدة
ورفع الخبر الى المأمون فاستدعى الفراء وقال له
مَن أعز الناس قال لا أعلم أعز من أمير المؤمنين
قال بلى
إن أعز الناس من إذا نهض من مجلسه تقاتل على تقديم نعليه وليا عهد المسلمين حتى رضي ان يقدم كل واحد منهما فردة لينال شرفها
الى هذا الحد كان تقدير المعلم ولما لا
وأبو حنيفة يقول
ما مددت رجلي نحو دار استاذي حماد إجلالا له
وما صليت صلاه منذ مات استاذي إلا استغفرت له مع والدي
ولما لا والشافعي يقول
كنت أتصفح الورقة بين يدي مالك برفق لئلا يسمع وقعها
فاذا ارادت أمة ان ترقى في مدارج العز والتمكين فأول ما ينبغي عليها عمله ان تعلي من شأن العلم والمعلم
فلا يليق أبدا أن يعمل المعلم سائق تكتك بتلاميذة كي يكفي بيته ونطلب منه أن يخرج لنا أجيال تتحمل نهضة بلادها
ولايليق به أن يخرج بمعاش بعد نهاية خدمته لايكفي دواؤه
ففي المانيا عندما طلب أحد القضاة أن يتساوى راتبه براتب المعلم فقيل له أتريد أن تتساوى بمن علمك
وفي كوريا يطلقون عليه
معلم الشعب لذا تسيدو العالم بتقديرهم للعلم والمعلم
واسألو التاريخ عن أسباب رقي الأمم وتقدمها
ففي كل عصور نهضة الأمم ورفعتها كان للعلم والمعلم الحظ الأوفر من الرعاية والتكريم
فما أحوج معلمينا لمعرفة قدرهم وماأحوج مجتمعنا إليهم ،،،
التعليقات مغلقة.