المفردة بين الحقيقة والتزيف
عبد الستار الزهيرى
قلما نكتب المفردة التي تنطق الحقيقة أو تعكس تراكمات أو صراعات مبتلية بها كبريائنا .. بل نكتب مفردة بعيدة عما نراه بصدق وذلك أما لرفع شأننا أو إبهار الغير بعلو كعبنا .. الخطاب الأعلامي يبنى على المفردة المستخدمة فكل كلمة لها دلالتها اللغوية وتعكس ما يقصد له الكاتب .. فليس كل مفردة نسمعها من كاتب ما تكون نقطة تحول في أحكامنا .. لأنه قد تكون تلك المفردة مزيفة ظاهرها جميل ومنمق وباطنها فضفاض باهت وفارغ من محتوى اللياقة .. ومن بين الأستخدام السيء للمفردة هو أستخدامها للتضليل الأعلامي وتجزئة صورة ما أو حرف الحقيقة عن مسارها الصحيح .. وهذا ما أسميه أنا بالأعلام الأصفر الذي يمرض المعلومة ويحشو المفردة بالكثير من الفايروسات الخبيثة ..الغرض منها أفقاد ثقة المتلقي بكل ما حوله والعمل على هدم المجتمعات القوية المتماسكة التي من الصعب هدمها بالطرق الأعتيادية لذلك يلجؤون إلى أستخدام مانشيتات منمقة من الأعلام الاصفر .. حيث طالما تستخدم مفردات تتناغم مع المشاعر لأستغلالها في تزييف ما نحمل من فكر أو معتقد .. الكثير ممن ينصبون أنفسهم بأنهم أعلاميون يسلكون طرق الكذب والتدليس الغرض منها نسف ما نحمل من معان أنسانية بذارها الحب والسلام وخلق فوضى مفتعلة ليعتاشوا عليها.. واللافت للنظر أن من ينتهج هذا الدرب هم من يصفون أنفسهم بأنهم مجتمعات متحضرة وراقية أو شخوصات من بيوتات قمة يعتاشون على أرثهم المتمدن وعلو كعبهم في مجتمعاتهم .. أن العلاقة بين المفردة والأعلام يجب أن تكون متعاضدة ومبنية على أسس أخلاقيات الكلمة .. لنبتعد عن التزييف الذي أذل شعوبنا والذي جعل في أنفسنا ريب بكل ما يطرح من أعلام ونعتبر عندها الحقيقة محض وهما وضربا من خيال ..فنرى استخدام صورا ورمزيات ومصطلحات تتكرر بأستمرار حتى تصبح من البديهيات والمسلمات في ذهن المتلقي .. الغرض منها السيطرة على متطلباتنا وأستثمارها قدر الأمكان .. وهذا سيولد لنا مجتمعات مريضة ونفوذ مجتمعي لنماذج بشرية تمتهن التزييف نهجا للوصول لغايات شخصية .. هناك دراسات عديدة تثبت أن نشر التزييف هي عملية ممنهجة يشرف عليها باحثون ومتخصصون بأطلاق المفردات المزيفة والتي تنتشر أسرع من المفردة الحقيقية فيكون أنتشارها شبيه بأنتشار النار في الهشيم .. حقيقة أن أنتهاج المفردة المزيفة قادت إلى نشوء أعلام أسود ممول من بيوتات صنع القرار لغرض مشاريعهم السياسية والاقتصادية الحمراء .. ولكم في تاريخ صناعة الكذب ما يبرز هذه الحقيقة .. حيث ولد التزييف منذُ نشأ الأعلام المكتوب وتطور بسرعة مذهلة مع نشوء الأعلام المسموع والمرئي .. الأعلام الأسود المبني على التزييف له القدرة على تحويل إنسان مغمور يسكن القيعان إلى شخصية شهيرة من خلال التدليس والبيانات المكذوبة غير الصحيحة وخلق واقع مزيف يرتبط به .. ويبنى هذا الأعلام الأسود على الإيهام بأن كل ما نقرأه هو الحقيقة.. ولديهم وسائل متعددة بأستخدام كلمة أو جملة معدة بتركيز ومصنوعة بدقة ومختارة بعناية فائقة لتحقق ما يصبون له ..
فلكم أبداء أرائكم في حقيقة أستخدام المفردة بين الحقيقة و التزييف ..
بقلمي
الاديب عبد الستار الزهيري
التعليقات مغلقة.