المقال الرابع : فنيات القصة القصيرة بقلم نادي جاد
المقال الرابع : فنيات القصة القصيرة بقلم نادي جاد
القصة القصيرة فن درامي اداته اللغة، لغة النثر لا لغة الشعر ،قد يتخلله حوار لكنه لا يقتصر عليه. والقصر أحد طرفي الحد كما يقول المناطقة، وذلك للحفاظ على وحدة الانطباع . وفي سبيل تحقيق هذا الهدف فمن المستحسن في القصص القصيرة إلا تتعدد الشخصيات أو الأمكنة أو الأزمنة
ونستطيع أن نجمل عناصر القصة القصيرة بالمعنى الغربي في النسيج، والعقدة، والشخصية ، والبداية والنهاية .
اما النسيج فهو اللغة التي تشمل الحوار والسرد ويكون في خدمة الحدث ، والأسلوب الركيك يفسد القصة شأنه في ذلك شأن الاسلوب المزدحم بالمحسنات البديعية أو الالفاظ الغريبة التي من شأنها أن تشتت الذهن بدلا من التركيز على الانطباع الذي يريد الكاتب أن ينقله للقارىء ولا يكفي معرفة قواعد اللغة فحسب، بل لابد من توافر ثروة لغوية تتيح للكاتب أن يختار لفظا دون آخر لأنه أدق أداء في نقل انطباعه، فللألفاظ المترادفات ظلال وكل لفظ يؤدي ما لا يؤديه لفظ آخر وإن كان قريبا منه في المعنى أو من نفس الحزمة اللفظية كما يقول علماء اللغة . ولابد أيضا من معرفة أسرار التراكيب اللغوية فتقديم لفظ مثلا يختلف في وقعه عن تأخيره
والأسلوب قد يستخدم للدلالة على المكان أو المكان فلكل عصر لغته. ولكل مكان مفرداته وطريقته في التعبير وليس من الضروري استخدام اللهجة المحلية للتعبير عن المكان ، بل يكفي أن تتناثر هنا وهناك بعض المفردات، أو التعبيرات ، أو الاصطلاحات للدلالة على المكان
والحوار يخفف من رتابة السرد ، ويجعل الشخصيات أكثر تجسيما، واكثر حضورا، ويفضل في حوار القصة القصيرة أن يكون سريعا وقصيرا، كما يمكن للحوار أن يسهم فيما يعرف بالإيهام بالواقع وذلك بأن يتضمن ترددا، أو تلعثما، أو استدراكا، أو نطق حرف نطقا غير سليم كما في حالة الألثغ حتى يصبح الاسلوب قريبا مما يتحدث به الناس عادة
والتقرير ، وهو عكس التصوير، من الأخطاء التي تصيب النسيج بعيب شديد. لأن التقرير تدخل من الكاتب في تطور الحدث، ومعناه أن يخبرنا بالحدث بدلا من أن يصوره لنا ، فلا ينبغي أن يقرر لنا الكاتب أو القصاص أن شخصا ما ذكي، أو ماكر، أو شرير ، بل عليه أن يقنعنا بذالك من خلال سلوكه وأفعاله بحيث نحبه أو تكرهه أو نتعاطف معه ، كما نعرف اخلاق الناس وطبائعهم في حياتنا العادية من تصرفاتهم دون أن بكون مكتوبا على جباههم أنهم طيبون أو اشرار، أو أذكياء أو ماكرو ن. و القصة الجيدة لا تقول بل تكون ، لا نحكي ما وقع. بل ما يمكن أن يقع ولا تنتمي إلى التاريخ بل إلى الفن
وكما يتجنب الكاتب تقرير صفات شخصياته، يجب أن يتجنب كذلك تقرير المعنى ، فالمعنى في القصة يجب أن ينمو من بدايتها حتى يبلغ قمته في نهايتها ولا يمكن ان يفهم إلا من مجموع القصة ، القصة القصيرة ليست خبرا أو مجموعة أخبار بل هي حدث ينشأ بالضرورة من موقف. ويتطور بالضرورة إلى نقطة معينة يكتمل عندها معنى الحدث . وهذا هو الفرق بين القصة الأدبية والقصة الخبر في في الصحافة فإذا وجدت الدلالة فقط دون توفر الشروط الأخرى القصة القصيرة تصبح نوعا من الدعاية الرخيصة وفي احسن الأحوال أدب العظات أن جاز أن نسميه ادبا
وبعد فهذا عنصر واحد من عناصر القصة القصيرة تستكمل بقية العناصر في مقال قادم
،
التعليقات مغلقة.