موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

المقروء والمحسوس ” المساحات الفارغة ” ورقة نقدية بقلم محمد البنا لنص مصيدة للأديبة إيناس سيد جعيتم

91

المقروء والمحسوس ” المساحات الفارغة ” ورقة نقدية بقلم محمد البنا لنص مصيدة للأديبة إيناس سيد جعيتم


مصيدة/إيناس سيد جعيتم

لم أستغرب أن يكون هذا المكان اختياره لأول ميعاد بيننا، هو يعرف جيدا أني لست كباقي الفتيات اللاتي يتهافتن عليه، ولم لا؟ فوقفته الواثقة بالمعطف الأبيض على رأس المنضدة تخلب الألباب، وسامته تباري جمال الورود التي تملأ المعمل من حولنا، وعطره النفاذ يتسلل كخمر معتق متلاعبا بخلايا أدمغتنا، منحيا عطور الزهور جانبا بقسوة، لم يكن خفيا سبب ميل الفتيات لدخول هذا القسم؛ نعم أعترف أن لسحر رئيس القسم أثره في اختيارنا جميعا له، منذ أول لقاء جمعه بنا.. أول لقاء للأعين بيننا أيقنت أني أثرت فيه ما أثاره في، لم يكن من الصعب عليه أن يعرف المدخل المناسب لامرأة ذكية معتدة بنفسها، خدعني بعرضه لرؤية مجموعته المميزة، وانخدعت له بشغفي العلمي.
يعجبني كثيرا تجاهله لي وهو يسبقني بخطوة ويعرض عليَّ نباتاته التي جمعها من أماكن مختلفة في (صوبة) خاصة، أرى الشغف يغلف نظراته ونبرة صوته وهو يستعرض مجموعته بإعجاب يقارب الوله! حتى توقف أمامهم، مجموعة خاصة سلط عليها أضواء زادت من درجة الحرارة حولها، التفت لي لأول مرة مذ دخلنا الصوبة، رأيت لمعة عينيه وهو ينظر لي، ها قد حانت لحظتي المرتقبة، الآن سيمتدح جمالي وذكائي، وسأرد بسذاجة لأدفعه لاتخاذ الخطوة الأولى، اقترب مني ومط شفتيه بتلك الحركة المثيرة قبل أن يقول:

انظري، هذه هي مجموعتي المفضلة.
والتفت موليا لي ظهره! تيبس جسدي رغما عني وقطع الثلج تسقط على رأسي، انتشلت نفسي بصعوبة من ذهولي ونظرت للمنضدة، تراصت عليها مجموعة من النباتات المفترسة، نعم أنا أعرفها جيدا، راوحت البصر بينه وبينها، لم أع أي مما نطق والأفكار تتنازع برأسي؛ ضجرة غاضبة تارة.. ولائمة تارة أخرى، تمالكت نفسي وانتبهت لما يقول، يتحدث بنشوة لا تخطئها أذن صاغية، كيف تستطيع التحايل للحصول ما تتوق له، ما يحييها، تناسيت كل أمنياتي الزائفة وانخرطت معه في حديث علمي حول كيفية جذب هذه النباتات للحشرات حتى تلتهمها، مستخدمة فيرمونات قوية وسائل سكري لزج لإغرائها..
باغتني بما هالني أكثر من هذا الموقف العجيب؛ إذ تهدج صوته وارتعش إصبعه وهو يمده ليتحسس باطن إحداها والذي يشبه المخمل الأحمر وهو يبتلع ريقه وأنفاسه تتلاحق، انتفض جسدي وأنا أسمع تأوهه وقد قبض النبات على إصبعه غارسا أشواكا كالإبر بجلده ليسيل منه قطرات الدماء.
كدت أتعثر وأنا أجري كالمجنونة صوب الباب هربا من صورته الشبقة هو يمص إصبعه النازف.
إيناس سيد جعيتم..القاهرة في ٣١ يوليو ٢٠٢٢
من مجموعة خلف المرايا القصصية..يناير ٢٠٢٢


الورقة النقدية لمحمد البنا


كعادتها أيناس سيد جعيتم، وكما عودتنا في جل أقاصيصها، تدور حول الفكرة وتنسج خيوطًا حريرية من حروف براقة رغم بساطتها، وترسم مشهدية عالية الجودة رغم قلة ألوانها، هكذا دائمًا تبث السم في العسل، فيصبح النص كله فكرة، هكذا عودتنا وهكذا فعلت أيضًا حين إبداعها لهذا النص.
أنها قاصة من قلة نادرة تكتب بوعيٍ كامل، تكتب وملء ذهنها الفكرة، تضعها في مركز دائرة مخيلتها، ثم تشرع في بسطها في كل الاتجاهات بتساوٍ مذهل، ما يذكرني بصانع الفطائر، وبجدتي وقت كانت تطهو لنا خبزها ( عيش مرحرح)، تتمدد الفكرة فتصير نصا.
صراع بين قوتين جاذبتين، صياد وفريسة، لا تدري من منهما الصياد ومن منهما الفريسة، وهنا نلفت النظر لعنوان النص ( مصيدة ) فهو جاء نكرة غير معرف ب ( ال التعريف ) ولو عُرف بها لانتقص من قوته، فالتعريف تخصيص وتحديد عدد، والعدد في هذه الحالة هو مفرد واحد، والتنكير يفتح المجال للشيوع، والشيوع من شأنه التعدد.
إنه صراع الأقوياء! لكلٍ منهما أسلحته الفتاكة، فهو الصياد المحترف أسلحته وسامة وحضور وصوت ساحر دافئ ونظرة نافذة تخترق الروح والجسد معا، يجهز مسرح الافتراس بنباتات مفترسة، تأثير إيحائي من شأنه إضعاف الفريسة وتهيئتها، وهى أيضًا تدخل معركتها مرتدية ثوب الفريسة لتواري نهم الافتراس داخلها، أسلحتها ذكاءها، أنوثتها، وعيها الكامل بما يدور حولها، تكمن لتنقض في اللحظة المناسبة،وما يدور حولها تدور حوله، كأنها لعبة الكراسي، أيهما سيسبق الآخر فيفترسه، وكما قيل ” مهما كنت قويًا فاحذر هناك من هو أقوى منك”، أثارها بمنظر الدم، وتلاه بمص الأصبع النازف، منظرٌ سيميائي بامتياز، وبعضهن يعرفن- خاصة الأقوياء منهن- ما لهذا المشهد من تأثر يرتجف له البدن، وتشتعل به الحواس، فتضرم نار الشهوة في أجسادهن، أدركت أنها النهاية إذًا، خطوة واحدة وتمسي فريسة لا صيادا، ولكن ما زال من حصونها حصنٌ لم يتداعى..إنه الفرار.
هكذا ببساطة وبحرفية وبوعي كامل طرحت علينا القاصة البارعة فكرتها، فلم تخفِ منذ بدأت السرد فكرة نصها ( صراع الأقوياء )، ولم تتركنا للحظة نلتقط أنفاسنا، بل ربطتنا بحبلٍ متين نتابع بشغف إلى أين ستمضي بنا، ونترقب لنعرف من الذي سيفوز، ثم تصفعنا في خاتمة نصها بما لم نتوقعه! فنصفق لها..لحيادتيها، لبراعتها، فما ظلمت الذكر فانتقصت من تأثر ذكورته على الأنثى مهما بلغت قوتها، ولم تظلم الأنثى فتقل وتستهين بقدراتها مهما بلغ ضعفها أمام ذكورة متسيدة، فدائما وأبدا ..الأنثى لها أسلحتها ولعل منها ( الفرار ) وهو ما ارتضته القاصة سلاحًا أخيرًا لبطلة أقصوصتها، وياله من سلاح ماضٍ فتاك!
نعم فتاك..فتك بالصياد فتكًا شديدًا، ولكم أن تتخيلوا معي ما لم تدونه السطور، ما آل إليه حاله من خيبة واحباط ومرارة هزيمة يلعقها لعقًا مع لعق الدم من أصبعه، والفريسة قاب قوسين وأدنى، وفجأة تختفي كلمحٍ بالبصر، فلا يحصد إلا يأسا ولا يجني إلا هزيمة، وهنا تتجلى عظمة السرد الإيحائي المسكوت عنه، أو ما نسميه المساحات الفارغة في متن النص السردي، ولكن ما الجديد؟ وكثير منا – كمبدعين – يتقن هذا!
الجديد الجديد هو فيما فعلته القاصة ها هنا، في هذا النص، ففيه لم تترك مساحة فارغة واحدة في متن النص مذ بدأته حتى ختمته، وأقول ( ختمته) ولم أقل أنهته، فالمتن السردي القصصي لا ينتهي بخاتمته وإنما بنهايته، ونهايته تركتها القاصة ليحسها المتلقي من تلقاء نفسه، ألا وهى المساحة المتخيلة المحسوسة خارج المتن المقروء.
ملحوظة :
١- أول لقاء للأعين بيننا أيقنت.. جملة ناقصة
مع أول لقاء للأعين بيننا أيقنت..
٢- التحايل للحصول ما تتوق له..جملة ركيكة
التحايل لحصول ما تتوق له
أو
التحايل للحصول على ما تتوق له.
٣- غياب التنوين
مبارك لك هذا الإبداع سيدتي، وهنيئًا لنا متعة قراءته، ومبارك لك ولنا مجموعتك القصصية الثانية.

محمد البنا..القاهرة في ١ أغسطس ٢٠٢٢
— with ‎ام عمر‎.

التعليقات مغلقة.