الملاك الصغير… عبد الصاحب إبراهيم أميري
الملاك الصغير
عبد الصاحب إبراهيم أميري
،
صبي بعمره كبير بعقله، الإبن الوحيد للعائلة ، ولد بعد انتظار دام عشرين عاما من الترقب والقلق، وزيارة أغلب أطباء المدينة، ولادته كانت معجزة و عيدا للأسرة. أعاد الله اليها الحياة من جديد وبولادته فتحت أبواب السماء لابيه نجحت تجارته وأزدادت ثروته فبات من الاغنياء الذين يشار إليهم ، الإ ان معاناة الأم. واستعمال العقاقير المختلفة طيلة سنوات بحثا عن مولود، كان سببا في اختلال صحة بدنها.قدوم ولدها بديع خفف عنها عذاب المرض وزرع ابتسامة على شفتيها، وذكاءه الخارق، زاد الأسرة بهجة، كان الأول على الطلاب في مدرسته.، أهتم بالابتكارات العلمية، حمل لقب المبتكر وهو في الصف الثالث الابتدائي، هذا كان سببا في ان يضع ابويه كل ما لديهما في اختيار ابنهما المبتكر، ليضيف لعلمه علما فابدع وأعطى وبات نجما لامعا في مدينته،
سنوات الهناء لم تدم طويلا، أقعد المرض الأم على كرسي متحرك، وبات البيت الكبير مهمولا ومن دون مدبر، وكان من اللازم ان تختار مربية ما ، وهذا يخيف ربةالمنزل ،. صاحبة الكرسي المتحرك ،ارتضت بالمربية بعد أن أصبح البيت مهجورا ،أستخدمت المربية للعناية بالأم وتجهيز الطعام وإدارة بعض شؤون البيت التي لا تنتهي بين
قوسين ، زرعت محبتها المربية محبتها بالاسرة، وبدا بديع يتناول طعامها ، لم يدََم هذا المنوال طويلا، ودعت الأم الحياة في ليلة ممطرة من ليالي الشتاء الباردة، شكت من قلبها ووقعت في أحضان ولدها بديع صبي في الثانية عشر من عمره مودعة عالمنا الزائل، وهي كانت له كل الدنيا، بكت الدنيا من أجل بديع،و بكى بديع من أجل أمه واشتد الخصام بينهما بين الدنيا ووديع، والأب العجوز، حائر يراقب المشهد، أمله الوحيد المربية لتعيد إبنه لحضيرة الحياة
،،،،،،،،،،،،،،،.
مرت الايام قاسية على الأسرة، أرتدت المربية ثياب الأمهات، تعتني بالاب العجوز الذي شغل كرسي زوجته المتحرك وأصبح قعيد البيت، كذلك بغرفة وديع التي لا يجرؤ اي كائن كان الدخول اليها، بدأت تدخلها دون استاذان وتجلس إلى جانبه سويعات يوضح لها ما انجزه من ابتكار
أعتادت المربية ان تاخذ العجوز كل ليلة لحديقة المنزل ، يستنشق النقاء ، أعلنت للأب أمرا دون سابق انذار
-لا أعرف كيف أخبرك يا سيدي، كرمك شملني، الإ ان الحياة ليست ملء البطون فقط، زادك الدهرخبرةبشؤون الحياة
-اخبريني بحاجتك
- تقدم رجل أرمل يطلب يدي وينتظر ردا، ماذا تقول
هذا السؤال كان سببا في ان يخرس العجوز تماما، لا يجد ردا في قاموسة، تمتم بكلمات تفتقد للمعاني - أن سمعك مقبول. ألم تسمعني، أتريد أن أعيد مقولتي ثانية
-انا اسمع بوضوح ، ماذا اقول
. امنعك من الاستمتاع بالحياة،
هذا ليس من شأني،
اقول لك اذهبي
. هذا ليس حال قلبنا، انت اليوم كوكبة البيت
رقصت دواخل المربية وصفقت بعد إعتراف العجوز بمكانتها بالمنزل، غيرت موضع مكان كرسيه ، ليستنشق عبير ورد الجوري، قطفت وردة جورية حمراء، جلست على ركبتيها وقدمت له الوردة، شعر بقشعريه حركت مشاعره، وقادته من حيث لا تعلم الى زوجته وأيام زواجهما، دمعت عينية، ابتسمت له المربية، انفتحت أسارير وجه ونسى نفسه
-أليس لديك مقترح
كانت هذه الجملة رصاصتها الثانية، أراد أن يقول شيئا أنعقد لسانه وتمتم ، ولم يفهم اي منهما شيئا
-قل ما تشاء ياسيدي، انت بمثابة أخي
اخي كلمة جديدة في قاموسها ، احس انها بدأت تعبد الطريق إلى قلبه ونجحت إلى حد ما، ونست فرق العمر بينهما قد يزيد عن أربعين عاما، حال العبارة حال الوردة الجوية التي استنشقها اليوم،، حاول أن يحرك مكان كرسية، ويبعد نفسه عن ساحة النزال - غدا سأترك لكم البيت، مادمت لا تقول شىيئا
-ارحمي بحالي بعد غد ساحدثك بالأمر
،،،،،،،،،،،،،،،
انزوى الأب بابنه، وحدثه صراحة عما دار بينه وبين المربية واشترطت البقاء مقابل الزواج، وهو لا يدري عاقبة الأمور ، صمت بديع قليلا - كيف ترى مستقبلنا، ان تزوجتها
-لا أدري
-أن كنت لا تدري وانا لا أدري اطلب، منها وقتا تتدارسان حالكما وهل تصلح لها زوجا، ان ارتضت فيها وستعرفها، سيتم الزواج ولا امانع وانه حقك المشروع
-ثلاثة اعوام وانا اخدمكم ولا زلت لا تعرفني
-“الأمر شتان كنت مربية وستصبحين اما، وانا لا اضغط عليك بالقبول، البيت بيتك،
ونقيم مراسم الخطوبة بانتظار الزواج
مرة أخرى اثبت بديع إبن الثالثة عشر ربيعا انه اكبر من السنوات التي قضاها، حكيم أمير، صاحب قرار، وافق على زواج ابيه من المربية، وقدم لهما باقة ورد، بمناسبة الخطوبة،رسم عليها أمانيه بالموفقية والأفراح، وهو يعلم علم اليقين ان اباه بحاجة إلى عصا، إلى من يحميه
يكون له انسيا يحدثه ويفهمه وقد قارب على الشيخوخة والمربية تعد مقترحا
،و في صدره حريق ولهيب و حزن قاتل. حاول الانطواء مع نفسه، . يحدثها بما يشاء، ويزور قبر امه كل يوم. وتركها لبعض
تساقطت أوراق التقويم مع تساقط أوراق الأشجار في الخريف، وتبدل كل شيء في دارهم، فهو لم يعد يرى امه في مواضع البيت، فكل مايخصها رفعت،صورتها وكرسيها الهزاز ،. واختفى اباه عن الانظار، خاصة عند قدوم ذويها وصديقاتها الشابات. وان النكات الماجنه بدأت تسمع في البيت المعطر بالإيمان،
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،.
في ساعة متأخرة من الليل ، سمع بديع طرق خفيف على الباب،
-“من بالباب
-انا
كان الطارق والده، اقبل زحفا من غرفته، اخذ إبنه بالحضن وبكى،
-أنت على حق في كل خياراتك، تحملت الكثير، من أجل أن لا ابوح لك بما اعاني
ساعطيها ما تريد ولتذهب للجحيم
النهاية
التعليقات مغلقة.