موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

الملعقة بقلم د. ابراهيم مصري النهر

295

الملعقة بقلم د. ابراهيم مصري النهر


برغم أن الوحدة الصحية كانت بجوار المدرسة إلا إننا لم نكن نعرف طبيبها، ولم نكن نطمح في معرفته، لِمَ يعقب معرفته من وخز إبر أو على الأقل دواء غير مستساغ يحفز على الشعور بالغثيان.
إلى أن باغتنا طبيبها بالزيارة ونحن في الصف السادس الابتدائي وفي حصة اللغة العربية لسفيرها وجهبذها في ذاك العصر الأستاذ مصطفى إسماعيل -رحمه الله- بدماثة خلقه وحسن مظهره وأناقة هندامه؛ يرتدي سويتر جلد أسود على بلوڤر بسبعة أخضر تحته قميص أبيض وبنطالون أسود، يشرح درس كان وأخواتها بتمكن منقطع النظير.
وبينما هو يصول ويجول ويمسك إصبع الطباشير في يده اليمني والبشاورة في يده اليسري، يكتب ويمسح؛ طرق الباب.. خطى نحو الباب خطوات وهو متجه إلينا ومستمر في الشرح.. فتح الباب فإذ بالناظر ومعه ضيف أبيض البشرة، طويل، يفرق شعره الأسود على جنب، يرتدي بلوڤر بني بحوض وتحته قميص بيج على بنطالون كافيه وحذاء بني.. صافحه المدرس وعانقه ورحب به، ثم دخل الفصل وألقى علينا السلام، وقدمه لنا على أنه طبيب الوحدة الصحية، وكان عنده لدغة في حرف الراء تضفي على جماله جمالا، لاحظناها عندما بدأ كلامه ”ببسم الله اليحمن اليحيم“ وبررنا وقتها نحن التلاميذ ذلك لبعضنا أنها بسبب كثرة تحدثه بالإنجليزية.
قال له مدرسنا بابتسامة: نحن في حصة اللغة العربية وأبعد ما نكون عنكم أنتم يا معشر الأطباء بلغاتكم الأجنبية، ولكن رد الطبيب ردا فيه من الحكمة ما يبرر سبب تلقيبهم بالباشحكيم في ذاك الزمان.. حيث قال: ”اللغة العربية هي الملعقة على مائدة العلوم“.
وظلت هذه الجملة حلقة في أذني، وسبب حبي وعشقي للغة العربية، التي وجدتها بحق بوابة التفوق، والروشته التي أوصي بها كل من ينشده، وملعقة كل طالب نهم وجائع للعلم.. كيف لا؟! وهي لغة القرآن الكريم ولغة أهل الجنة.

ثم كتب الطبيب على السبورة جملة وقال: من يعربها.
فرفعت اصبعي ووقع اختياره عليَّ.. بعدما أعربتها، سألني عن اسمي، وعن ماذا أحب أن أكون؟
أخبرته باسمي وأجبته: طبيبا.
رد: إن شاء الله ستكون.
ومرت الأيام والتحقت بكلية الطب وكنت أقوم على فترات بزيارة المدرسة، وكان المدرسون والتلاميذ يتوقعون أن أشرح لهم إنجليزي أو علوم ولكني كنت دائما ما أشرح لهم نحوا.

وبعد أن تخرجت زرت المدرسة في حفلة عيد الأم ووزعت على المتفوقين منهم جوائز رمزية وشهادات تقدير.
وجاءني أحدهم اليوم ومعه والده للكشف عليه، وقال لي أنا فلان مدرس اللغة العربية الذي أعطيته في حفلة عيد الأم شهادة تقدير وشجعته..
لم ينسها لي كما أنني لم أنسها لذاك الطبيب -رحمه الله.

التعليقات مغلقة.