النية وأثرها في قبول العمل
بقلم حاتم السيد مصيلحي
لم تكن الأعمال وليدة اللحظة الأولى، وإنما تسبقها نية مبيتة، تستهدف القيام بتلك الأعمال والتهيئة لها، ولاتكتمل النية إلا بوقوع العمل، ومن رحمة الله تعالى بنا أنه لايؤاخذنا بنوايانا إن كانت سيئة إلا إذا انقلبت إلى عمل سيئ ،فتقع حينها السيئة، وإذا كانت النية نية حسنة أثاب الله عليها بحسنة، وإن تحولت لعمل حسن كانت بعشرة.
لذا قال الرسول – صلى الله عليه وسلم -” إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ مانوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته لله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه ” والنية محلها القلب.
وقد يظل الإنسان طوال حياته يفعل فعل أهل الجنة دون أن تكون النية لله، ويظن أنه يحسن صنعا ويجسد ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى :{الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف : 104]
فيسأل يوم القيامة فيم أفنيت عمرك؟ فيقول أفنيت عمري في كذا وكذا فيقال له لقد فعلت ذلك من أجل أن يقال عنك كذا، ها وقد قيل ، فالعمل إن لم يكن خالصا لوجه الله ،فهو غير مقبول ،بل الأمر يصل إلى أبعد من ذلك وهو الشرك بالله ، وكانت قصة قابيل وهابيل دليل على أهمية إخلاص النية لله ويجسد ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى :{ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ ۖ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة : 27]
وتظل نية العبد سرا بين الله وعبده، جعلها الله شرطا لقبول العمل ، فإن صدقت نيته مع الله علت همته، وجنى ثمرتها بتيسير العمل وإن كان شاقا، واجترار لذته وإن كان مرا، أما إن كانت غير ذلك ، فتطفؤه الرتابة، وتضيعه المداهنة والرياء، وإن جنى ثمرتها الدنيوية بجاه أو سلطان زائل.
والإخلاص هو أحد المنح الإلهية لصدق النية ،وتجنيب الشيطان الذي توعد عباد الله إلا المخلصين منهم لقوله تعالى:{قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِين *إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص : 82-83].والغواية هنا قد تكون بإفساد العمل بالتصنع والرياء، والمن وماشابه.
فاللهم ارزقنا نية حسنة لا يخالطها شبهة، وعملا صالحا لا يشوبه رياء، واجعلنا من عبادك المخلصين.
التعليقات مغلقة.