الهولوكوست المحمدى … د.أحمد دبيان
الهولوكوست المحمدى
د.أحمد دبيان
الهولوكوست لفظة يأتى أصلها ، من الإغريقية القديمة
ὁλόκαυστος holókaustos: حيث hólos تعني “الكل” وkaustós
تُعرف أيضاً باسم شواه
وبالعبرية
השואה
.تلفظ هشوآء وتعني الكارثة
تطالعنا الدعايات المستمرة عن احراق هتلر لليهود
فهل حقًا كانت المحرقة اليهودية الهتلرية هى الأولى فى التاريخ؟!!
بعد الحرب العالمية الثانية قامت دولة إسرائيل تتويجاً لتاريخ مقولب ، لعب على أوتار عقد الإضطهاد وعقد الذنب التاريخية .
وكأنما كانت المحارق اليهودية تاريخ مغروس موجه لهدف ما يتحرك فى مسارات التاريخ .
لم يكن التاريخ اليهودى خالياً أبداً من مذابح ومحارق تاريخية .
فحين سقطت مملكة إسرائيل الشمالية تحت الحكم الأشوري تم ترحيل عدد من سكانها إلى الأراضي الأجنبية. لييندمج المهجرون ويسمون بالقبائل العشر المفقودة في أوطانهم الجديدة ويفقدون هويتهم كبني إسرائيل.
حينما غزت بابل مماكة يهوذا وسقطت أورشليم تم تدمير الهيكل. ومذابح يهودية ويتم نفى الباقى إلى بابل مع آلاف آخرين لتصبح يهودا تابعاً مفرغاً من سكان مزعومين .
فى بابل تقوم مؤامرة مزعومة
حيث قام هامان, كبير وزراء الامبراطورية الفارسية, بتحريض الامبراطور الفارسي ضد اليهود, حيث وصفهم بأنهم شعب مشتت و متفرد بين شعوب الامبراطورية, و سننهم مغايرة لسنن الشعوب الاخرى و هم لا يعملون بتعاليم الملك و قد اقترح عليه ان يبيدهم فلا يليق بالملك تركهم. و قد قام هامان بعمل قرعة لاختيار اليوم الذي يقوم فيه بإعدام عدد كبير من اليهود و وقعت القرعة على يوم الثالث عشر من آذار بحسب التقويم العبري.
وحين يغزو الإسكندر الكبير معظم الشرق الأوسط من مصر إلى الهند بما في ذلك يهودا التي ستزدهر لفترة تحت حكم يوناني غير قاس.
يموت الإسكندر ويتم تقسيم إمبراطوريته على كبار قواده. وقد كتبت آخر كتب العهد القديم، الجامعة ودانيال في هذه الفترة.
ولتتم الترجمـة السبـعونية للتوراة إلى اليونانيـة حوالي هـذا التاريـخ. وتنمو أورشـليم إلى مركز تجاري هيليني مع تزايـد الأهميـة لسكان يهودا من اليهود واليونانيين تحـت البطـالمة اليونانيين المتمـركين في مصر.
وحين يخلف أنطيوخوس الرابع أخاه ويصبح حاكم الإمبراطورية السلوقية البابلية اليونانية التي انتزعت يهودا من إمبراطورية البطالمة المصرية اليونانية. ينقسم سكان يهودا إلى طوائف بعضهم يدعم الهيلينية المتزايدة وآخرين يعارضونها.ليبدأ تمرد بقيادة أسرة كهنة من مدائن (قرب اللد الحالية) ويتحول التمرد إلى ثورة كبيرة ضد الاتجاهات الهيلينية. تصـد العائلة واتبـاعها المعروفون بالمكابيين المحاولات المستمرة للسلوقيين اليونانيين لاسترجاع السيطرة على يهودا. فيطهر المكابيون الهيكل ويعيدون تكريسه في أورشليم، ولقد خلدت ذكرى هذا الحدث في عيد عيد الأنوار (عيد الحانوكاة) ولكن المعارك تستمر مع السلوقيين مدة عشرين سنة.
يعيش اليهود في هذا الوقت في كل أنحاء البحر المتوسط بما في ذلك روما، وجنوب فرنسا وأسبانيا وفي كل شمال إفريقية. وليؤسس المكابيون أسرة الملوك المعروفة بالأسرة الحشمونية، ويحكمون يهودا لأكثر من ١٥٠ سنة.
ثم يغزو القائد الروماني بومبيوس يهودا، ويدخل إلى حرم الهيكل المقدس ويدنس حرماته. وتصبح يهودا دولة تابعة لروما.
ثم يأتى بالتوازى تاريخ آخر فيقع الهجوم على اليهود في الإسكندرية بمصر، ويقتل كثير منهم لأنهم رفضوا عبادة الإمبراطور الروماني كاليجولا. ويدمر يهود يفنة (في يهودا) ضريحا أنشأه كاليجولا لنفسه. يأمر كاليجولا بوضع تمثال له من ذهب في هيكل القدس للانتقام ، ثم يلغى هذا الأمر بعد احتجاجات واسعة لليهود. ينمو التوتر بشكل متدهور بين اليهود وأسيادهم الرومان خلال العقود الثلاثة التالية مع فترات من العنف وكثير من الفوضى. وبفعل الهجرة تصل الطائفة اليهودية في مصر إلى مئات الآلاف وينتشر اليهود بأعداد كبيرة في كل البحر الأبيض المتوسط. يعتنق كثيـر من الرومان الإغريق الديانة اليهودية أو يبدأون بالممارسات اليهودية دون الاعتناق الرسمي ، تتمرد أعداد كبيرة من اليهود في كل أنحاء يهودا ضد روما، ابتداء من قيسارية والقدس. ترد الإمبراطورية الرومانية بإرسال الجنرال فاسباسيان بجيش قوامه ستين الف جندي روماني. وليستولي على معظم مدن يهودا في السنوات الثلاث التالية ويصل إلى جدار مدينة القدس. والذى تم استدعائه إلى روما ليتم إعلانه إمبراطورا ويتم تعيين تيطس مكانه في الميدان ولتسقط مدينة القدس فى يده ويحرق الهيكل وفى الوقت ذاته ينشىء الحاخام يوحنان بن زكاي أكاديمية في مدينة يفنة الصغيرة ويستمر في تعليم التقاليد اليهودية تحت الاحتلال الروماني مروجاً لفقه الاضطهاد والمذبحة .
وبعمله هذا، ينشىء الإستراتيجية الفريسية الجديدة لنجاة الأمة اليهودية.
لتسقط ماسادا “المسعدة ” (فوق البحر الميت)، آخر حصن يهودي في يد الجيش الروماني.
استمرت ثورات اليهود فى الاسكندريةوقورينة وفى بابل ليأتى العام ١٣٢ م فيقود شيمون بركسيبا المعروف أيضا ببركوخبا (ابن النجم) تمردا مفتوحا ضد روما. يهزم اليهود الجيوش المشتركة في سورية ومصر والجزيرة العربية ويستولون على القدس، ويضربون عملتهم الخاصة، ويعلنون استقلالهم عن روما. فتشن روما هجوما معاكسا بمشاركة فيالق من الجيوش جاءت من مناطق بعيدة وحتى من انجلترا وتدمر المقاومة. ولتسقط بيتار، آخر معاقل اليهودية لروما. يحصى المؤرخ الروماني ديو كاسيوس أكثر من ستمائة ألف قتيل. ويعاقب هادريان سكان يهودا بتحويل القدس إلى مدينة وثنية، باسم إليا كبتولينا، ويمنع اليهود حتى من دخولها وينشر الدمار في يهودا.
يأتى الشتات والدياسبورا ، ولتستقر بعض القبائل اليهودية فى الجزيرة العربية فى يثرب وما حولها . وحين يأتى القرن السادس الميلادى يظهر الرسول محمد فى المدينة وفى الوقائع التي نجدها مروية في كتب التراث التأريخي الإسلامي مثل «البداية والنهاية» لابن كثير و«تاريخ ابن خلدون» و«تاريخ الأمم والملوك» للطبري و«الكامل في التاريخ» لابن الأثير، نجدها تقول إنه بعد غزوة أُحُد وطرد يهود بني النضير وبني قينقاع من المدينة إلى خيبر، خرج وفد من يهود خيبر على رأسه حُيَيّ بن أخطب من بني النضير إلى كل من قريش وقبيلة غطفان القوية، وبعض القبائل المحيطة، وأقنعوا القبائل أن تُشَكّل حملة مشتركة بينها تتولى خيبر تمويلها لمداهمة المدينة والقضاء على الرسول محمد والمسلمين، ووعد الوفد المذكور حلفاءه بإقناع يهود بني قريظة – آخر قبيلة يهودية باقية آنذاك بالمدينة بدخول الحلف ومهاجمة المسلمين من الداخل.
بالفعل تشكلت قوة من قريش وغطفان وقبائل أشجع وفزارة ومُرَّة وغيرها وتوجهت إلى المدينة، ولهذا تسمى تلك الواقعة بـغزوة الأحزاب.
بلغ المسلمون الخبر فسارعوا بتحصين مدينتهم، وتم حفر الخندق المنسوبة فكرته لسلمان الفارسي، وكانت حماية المدينة من الظَهر موكلةً لقبيلة بني قريظة اليهودية وفقًا للعهد المبرَم بعد هجرة الرسول للمدينة الذي ينص على الدفاع المشترك عنها.
في ذلك الوقت كان حُيَيّ بن أخطب قد تسلل لحصون بني قريظة وتفاوض مع زعمائهم حتى اتفقوا معه على ضرب المسلمين من الظهر، وبالفعل أعلنوا عن عداوتهم، حيث قالوا لمبعوثي الرسول محمد إليهم: لا عهد بيننا وبين محمد .
وبسبب تبرُم القرشيين من طول الحصار والعجز عن اقتحام الخندق، وخلافات بين الحلفاء من ناحية وبني قريظة من ناحية أخرى حول تسليم رهائن لكل طرف لضمان التزام التنفيذ (التي يقال إنها كانت وقيعة بتدبير أحد من أسلموا من غطفان بتوجيه من الرسول محمد)، فانسحب «الأحزاب» وتوجه المسلمون لمحاصرة بني قريظة عقابًا لهم على نقض العهد والتآمر مع الغزاة، وبعد حصار دام خمسة وعشرون يومًا استسلم بنو قريظة، وتولّى الصحابي سعد بن معاذ الحكم عليهم، فقضى بقتل رجالهم وسَبي نسائهم وأطفالهم.. وهو ما تم بالفعل، فقُتل منهم سبعمائة رجل.
فى كل تاريخ اليهود سنجد هولوكوستاً بشكل ما ونجد أن هذا الهولوكوست التاريخى يتم استثماره بشكل جيد تاريخياً لإصطناع مظلومية ما واكتساب المنفعة من ورائها .
فهل نستطيع أن نقبل تاريخياً بتاريخ برعوا فى توجيهه وتدوينه ان نقبل السرد على علاته .
وهل يعقل أن يقام حكم الذبح فى مقاتلتهم ومنهم أبو واحدة من أمهات المؤمنين ، أم ان العبث التاريخى الموجه ، استطاع اختراق واجتياح ذاكرة الأمة توجيهاً مصطنعاً لصنع نفس المظلومية التاريخية التى تكللت بقيام دولتهم الأخيرة ولم تكن أبداً الأولى فى جراحة جغرافية قسرية طوعت التاريخ والجغرافيا لولادة مختبرية مزقت هارمونية الجغرافيا وألقت بثانوياتها فى الجسد الذى تم سرطنته واختراقه وامراضه باختراق مخزونه التراثى كما تم اختراق تواريخ موازين القوة فى العالم القديم والحديث ؟!!!.
التعليقات مغلقة.