الهون والويغور والروهينجا … إشكاليات الدولة الوطنية ونزعات الإنفصال .
الهون والويغور والروهينجا …إشكاليات الدولة الوطنية ونزعات الإنفصال
د.أحمد دبيان
فى أتون الحرب العالمية الثانية وبعد هجوم اليابان على بيرل هاربور وتحطيم الآلة العسكرية الأمريكية البحرية فى المحيط الهادى.قامت الولايات المتحدة الأمريكية بإعتقال ستة ملايين أمريكى من أصول يابانية ووضعتهم فى معسكرات إعتقال شبيهة بمعسكرات إعتقال النازى بلا أجهزة إتصال خارجى خوفاً من أن يكونوا أو يتحولوا لطابور خامس للجيش الإمبراطورى اليابانى .
ولأن الآلة الإعلامية الجهنمية للغرب هى من تشكل السياسات والأفكار والوعى كسلاح أكثر فاعلية من قنبلتى هيروشيما أو ناجازاكى واللتين لم يتم إدراجهما والى اليوم كجريمتى حرب وإبادة ضد الإنسانية .
لم يخرج أحد إعلامياً وقتها ليقول أنقذوا يابانيو أمريكا أو يجرؤ على إتهام الولايات المتحدة الأمريكية حتى ومن داخلها بإنتهاكات ضد حقوق الإنسان .
إستخدام العرقيات والقوميات فى النزاعات والحروب ليس جديداً .
وقد إستخدم أودولف هتلر ذات السلاح أثناء غزوه للإتحاد السوفيتى فى العملية بارباروسا .
فنجد قوميات الشيشان ومدنهم مثل جروزنى الغنية بالنفط كانت إحد أبرز المعاونين للنازى أثناء إجتياح روسيا فى الحرب العالمية الثانية وكانت الأقليات الأخرى مثل الأقليات التترية الأكثر إستسلاماً للغازى النازى الذين روجت دعاياتهم أنهم محررون يحترمون الإسلام .
منذ سنوات تخرج علينا صيحات إستثارة النزعات الدينية ويرددها الملايين الذين تخاطبهم الآلة الإعلامية التى برعت فى العزف على أوتار النعرات العرقية والدينية .
ومن البوسنة والهرسك والسيد على عزت بيجوفيتش والذى تبين أنه عضو فى التنظيم الدولى للإخوان المسلمين وحركته الإنفصالية التى نجحت بها الإستخبارات الأمريكية فى حلحلة وتقويض الإتحاد اليوجوسلافى .
إلى الحرب الشيشانية التى إشتعلت عقب سقوط الإتحاد السوفيتى بين روسيا والشيشان لكبح جموح النهوض الروسى الوارث للإتحاد السوفيتى القديم .
والى الروهينجا وهم أقليات ( بدون ) نشأت نتاج الحروب الأهلية وحروب الهند وباكستان خاصة حرب ١٩٧١ والتى أدت لإنفصال باكستان الشرقية وقيام جمهورية بنجلاديش ، واستوطنوا المناطق الحدودية وبورما وعمل أكثرهم بالتهريب .
وقد جاءت نذر الصراع حين قام جماعة من الروهينجا بإغتصاب فتاة بوذية فى بورما وحين قتلهم أهلها ، تم تديين الصراع وإستغلاله من قبل أجهزة الإستخبارات الغربية ، وأذرعها من التنظيمات الإسلاموية لتصبح قضية الروهينجا بؤرة صراع محتمل فى خاصرة الصين والهند المهددان بنموهما الإقتصادى المصالح الإقتصادية الغربية .
قضية الويغور لا تخرج أبداً عن هذا الإطار ، والويغور أقلية مسلمة سنية باصولها التركمانية وهم التتار الذين أسلموا بعد ضربات المماليك العظام سيف الدين قطز والظاهر بيبرس لهم والذين نجحوا فى وقف إعصارهم المدمر الذى كاد أن يجتاح الشرق .
يشكل المسلمون فى الصين حوالى ١،٧٤٪ من تعداد السكان فى الصين .ويبلغ عددهم حوالى ٢٣،١٤ مليون نسمة وتشكل عرقية الهون والهيوى القريبة من المركز الصينى والتى تستقر فى الشمال الغربى والحنوب الغربى للصين ، غالبية تعرف معنى المواطنة وتنتمى للقومية الصينية دون أى نزعات إنفصالية ولم يتم إتخاذ أى إجراء عنيف أو متطرف من قبل السلطة المركزية فى بيكين .
على النقيض الترك الويغور الذين يتحدثون التركية يستقرون فى الشمال الغربى لمنطقة شينجانج ويتمتعون بالحكم الذاتى ولا يكفون عن نزعاتهم الإنفصالية عن القيادة المركزية فى بكين .
هناك أقليات مسلمة أخرى تحيا بمواطنة وحقوق كاملة مثل القازاق ، والدونج زيانج والقرحيز والسالار والطاجيك .
قديماً شجعت أوروبا المسلمين فى الصين على الثورات كتكتيك تبادلى مع حرب الأفيون للسيطرة على الصين وتجارتها . وبينما ارتضت الأقليات المسلمة الحياة داخل كيان الدولة الصينية ، لم تتوقف تمردات الويجور ونزعاتهم الأنفصالية حيث تعتبر تركستان الشرقية بأغلبيتها من الويغور التتمة لتركستان الغربية الروسية بثرواتها الإقتصادية وموقعها الإستراتيجى بين عدوين لدودين للآلك العسكرية الغربية الممثلة فى الولايات المتحدة الأمريكية .
وبعد إحياء طريق الحرير القديم وإحياء نظرية قلب العالم لهالفورد ماكيندر
وهى بالأساس ورقة بحثية قدمها الجغرافى البريطاني هالفورد ماكيندر عام ١٩٠٤،
ولقد تميز ماكيندر في طريقة تحليله الجيوبوليتيكي، الذي هو في حقيقته تحليل جيواستراتيجي، باهتمامه بالأقاليم وتحليل عناصره، ونظرته للمشاكل الجغرافية على نطاق عالمي، الأمر الذي جعل من النتائج التي توصل إليها تتمتع بخاصة إستراتيجية، لذا يمكن أن نقول أن ماكيندر بدأ بداية جيوبوليتيكية وانتهى بنتائج جيواستراتيجية.
ويبدأ تحليل ماكيندر عندما يقسم في نظريته العالم الذي يجمع ما بين اليابسة والماء إلى ثلاث مناطق: منطقة القلب، منطقة الهلال الداخلي، ومنطقة الهلال الخارجي.
ولاحظ أن الجزيرة العالمية، -وهي تلك الحلقة المتصلة من اليابس وهي أوروبا، آسيا، إفريقيا-، تكون ثلثي مساحة اليابس كلية، وأن الكتل اليابسة الأخرى تكون الثلث الباقي وتحيط بالجزيرة العالمية متمثلة في أمريكا الشمالية والجنوبية وأستراليا، بينما تمثل البحار والمحيطات ثلاث أرباع العالم، وتكون كتلة مائية متصلة أطلق عليها المحيط العالمي،
World Ocean.
وبهذا لخص ماكيندر نظريته في الثلاثيات الآتية:
- من يتحكم في شرق أوروبا يسيطر على قلب الجزيرة العالمية “الهارتلاند”.
- ومن يتحكم في منطقة القلب يسيطر على الجزيرة العالمية.
- ومن يتحكم في الجزيرة
العالمية يسيطر على العالم.
- Who rules east Europe, Commands the Heartland.
- Who rules the heartland, Commands the Island.
- Who rules the Island, Commands the World
عدّل هالفورد جون ماكندر نظريته في عام 1943،
حيث اتسع مفهوم قلب العالم، ليصير هناك قلبان شمالي الذي تحدث عنه في نظريته السابقة، والقلب الجنوبي، وما يربط بين القلبين هي المنطقة العربية، حيث تصور منطقة ارتكاز أخرى ولو أنها حسب رأيه أقل أهمية من سابقتها وسماها القلب الجنوبي وتتكون من إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، فمياه هذا القلب تفيض من الهضاب الداخلية إلى كل من النيجر والكونغو والزمبيزي والأولانج واللمبوبو، وتصلح الأجزاء العليا لهذه الأنهار كلها للملاحة إلى مسافات طويلة، وثمة وجه شبه بين منطقتي القلب الشمالية والجنوبية ذلك أن كلاً منهما يوجد بها غابات وحشائش كثيرة، يتصل القلبان الشمالي والجنوبي ببعضهما البعض عن طريق جسر هو المنطقة العربية، التي تمتد من نهر النيل غرباً إلى ما وراء نهر الفرات شرقاً، ومن سفوح جبال طوروس شمالاً حتى خليج عدن جنوباً، وتمتاز هذه المنطقة بوجود طرق مائية وهي نهر النيل والبحر الأحمر، كذلك نهر الفرات والخليج العربي، كما تشكل المنطقة العربية طريقاً برياً بين القلب الشمالي والقلب الجنوبي.
صار الصراع على الجزيرة العالمية مشتعلاً منذ الألفية وتبلور فى محاولات القوى الصاعدة ، الصين وروسيا التمدد فى الشرق الأوسط وإفريقيا يصاحبه على الجهة الأخرى ممثلة فى الغرب وأمريكا إشعال الهبات والإنتفاضات والصراعات المسلحة مستغلة الظلم الإجتماعى البين والتفاوت الطبقى العائد وبقوة فى الشرق الأوسط ومجتمعات النصف فى المائة المرسخة لإستعمار ما بعد ثورات التحرر الوطنى فى الخمسينات والستينات وتقويضها بأنظمة تابعة .
إشعال ملفات الويغور والروهينجا والشيشان والبوسنة من قبل يصب فى نفس التكتيك لحروب أفيون أيديولوجية تستخدمها أجهزة الإستخبارات الغربية وإستخدام النعرات الدينية والايديولوجيات المتطرفة لإشعال التوترات ولنقل المعركة إلى قلب القوى المنافسة .
يشكل الويغور كمرتزقة واحدة من القوى المسلحة التى أشعلت الحرب الأهلية فى سوريا الشقيقة .
وتشكل المليونيرة ربيعة قدير والمدعومة من الغرب والتى تعيش فى الولايات المتحدة الأمريكية بعد العفو لظروف إنسانية و الذى خرجت به من السجن فى الصين إحد أبرز الوجوه الويغورية و أحد أبرز الداعين لإنفصال تركستان الصينية الشرقية .
التعليقات مغلقة.