” الهويس ” … محمود حمدون
” الهويس “
محمود حمدون
====
” فؤادة & عتريس ” و” الدهاشنة ” والهويس , متلازمات غريبة أتى بها إلينا فيلم ” شيء من الخوف ” ولأنه شيئ من الخوف أو بعض منه , فالقراءة المتعمقة لمشهد فتح ” فؤادة ” للهويس , لكي تندفع المياه لتروي الأرض الزراعية لأهالي قريتها ” الدهاشنة ” أولئك الذين تتحمل شواربهم من قوتها وقسوتها استقرار وإقامة الصقور بمختلف أنواعها ..
هؤلاء المتدثرون بالذكورة بمفهومها الجنسي العضلي , الذين يجيدون فن المناورة والمداراة واللف والدوران حول الظلم للتكيّف معه والتعايش مع الظالم.
راق ” للدهاشنة ” ما فعله ” عتريس ” وصحبه بهم , أو اجترائه على القيم المستقرة بمجتمعهم ,ووافقوا على زيجة فقدت أهم أركانها وهو رضاء العروس , جرائم متسلسة مرّت تحت شوارب ” الدهاشنة وغضّوا الطرف عنها وبحثوا عن اسس فلسفية دينية تبرّر لهم هوانهم .. كل ذلك يؤكد أن اختيار العنوان كان موفّقًا للغاية فهو في النهاية شيء ” مجرد شيء تعاظم في نفوس واهية حتي أصبح صنمًا يخافونه نهارهم ويسجدون له ليلًا .
ما يبعث على الدهشة تلك الغضبة التي غضبها القوم بالنهاية , فثاروا على ” عتريس ” لكنهم ما هبّوا من رقدتهم إلاّ بعدما شاهدوا بأعينهم قوة ” فؤادة ” , صورة امتزجت فيها القوة الكامنة بالضعف الشديد الظاهر , كأن القوة في النهاية هي مجموع لا متناه من حالات الضعف المتراكمة , أو أن الضعف هو تشتت ظاهري لقوى يجهل صاحبها قيمتها , فلمّا وعت ” فؤادة” ما بين يديها , وأدركت أن قوتها في ضعفها وأن هوان القوم من وراءها أمر متأصل فيهم , استقرت على وجهها تلك البسمة الغامضة في مشهد فتح الهويس ” ابتسامة حيّرتني وبتُّ فترة طويلة أتفكر فيها , لم تكن انعكاسًا للنصر , كما لم تكن تشفّي في ” عتريس ” لكن أجزم أن دلالتها التي وقرت بنفسي مؤخرًا أنها تقول لنا : أن نون النسوة فقدت بوصلتها من زمن.
التعليقات مغلقة.