موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

الوداع الأخير بقلم حيدر الدحام

217

الوداع الأخير
بقلم حيدر الدحام

جلس ليستريح من عناء يوم متعب وشمس لاهبة ، أحالت بشرته من البياض الى السمرة .
شيبته وتجاعيد وجهه التي تخبئ وراءها تعب سنين يمتد لسبعين سنة ونيف ، هي ما تميزه ، إضافةً لحسن الخلق والتواضع ، واحترام الآخرين .
الكل في سوق ( الشورجة ) يعرفه ، انه ( جمولي الحمال ) الذي يفخر باسمه وعمله وضحكته التي لا تفارقه ، بعد ان أصبحت علامة فارقة  تميزه .
يقترب أحد المارة منه : ياعم .. هل أستطيع تقديم المساعدة ؟
بنظرة حزن ، ودمعة معلقة بين الرمش والجفن ، أجابه بانكسار : الله المعين يا ولدي .. شكرًا لك .
هذه المرة الأولى التي لا يستطيع النهوض فيها ، بعد ان كان يحمل على ظهره الأوزان الثقيلة منذُ كان طفلًا بعمر العاشرة عندما فقد والديه واحتضنه الحاج محمد الكرخي وعلمه مهنة يقتات منها .
هل هو فعل الزمن ب( جمال ) الذي يعرفه الجميع باسم ( جمولي ) ؟
أم انهُ تراكم الهموم التي غيرت مجرى حياته مؤخرا ، وحولت بسمته المحببة للجميع الى حسرة وحزن ؟
بعد أستراحة قصيرة نهض وكأنه شاب بعمر العشرين ، دفع عربته الممتلئة بالبضائع ، وتوجه بها صوب ( السوق العربي ) .
وصل مساءً الى داره المتواضعة في ( محلة الشواكة) ، وكعادته طرق الباب ، لم تفتح له زوجة ولده الوحيد ، وتجاهلت وجوده .
عاود المحاولة مرةً ثانيةً .. وثالثةً ، فأذا بالباب يفتح وترمى صرة من الملابس هي كل ما يملك في هذه الدنيا .
لم يوقظ دهشته وصدمته إلا صوت صرير الباب وهو يغلق بقوة ، يرافقه صوت الكنة : المكان لا يسعنا جميعًا ، تستطيع إيجاد غيره .
أفترش الأرض ، والتحف السماء ، وجعل الصرة وسادة تحت رأسه المتعبة ، هذه المرة الأولى التي يبيت فيها خارج البيت منذُ زواجه قبل خمسين عامًا ، وشرائه  لهذه الدار بمساعدة تجار الشورجة الذين قدموه له مكافأة لأمانته وإخلاصه في العمل .
ابنه الوحيد لاحول له ولا قوةً ، يسير مغمض العينين خلف نزوات زوجته وأطماعها ، والتي لا يروق لها وجود الأب العجوز في منزلها الذي تطمح ان يكون مملكة مستقلة تكون الملكة الوحيدة فيه .
خرج الابن باكرًا لعمله ، تفاجأ بمنظر الأب وهو نائم على دكة الباب .
أبي .. أبي ، هيا استيقظ ، لماذا تنام هنا ؟
حركه بكلتا يديه ، انه جامد بلا حركة ولا نفس ، أمسك رأسه ، وأدار وجهه اليه ، ليرى نفس الابتسامة ، انه الوداع الأخير .

التعليقات مغلقة.