الْمَصَيرُ الْمَجْهُولُ. .بقلم.أبومازن عبدالكافي فاروق.
كَانَ يَوْمًا عَصِيبًا، ضَمَّهَا إلَيْهِ كَيْ يُسَكِّنَ رُعبَهَا، بَعدَمَا أدرَكَهُمَا الليْلُ وهُمَا ينتَظرَانِ عَودَتَهُم.
في صَبَاح ذَلكَ الْيَومِ، اصطَحَبَ الرَّجلُ أُسْرَتَهُ لِقَضَاءِ نَهَارٍ مُمْتِعٍ عَلَى شَاطِئِ الْبَحرِ.
مَرَّ الْوقْتُ سَرِيعًا، وَهُمْ يَلْعَبُونَ وَيَمْرَحُونَ سَوِيًا في الْبَحرِ تَارَةً وَعَلَى الشَّاطِئ تَارًةً أُخْرَى.
قُبَيْلَ الْغُرُوبِ، اسْتَأَذَنَ “كَرِيمٌ” وَالِدِيهِ في النِّزُولِ للسِّبَاحَةِ مرة أُخْرَى قبلَ أنْ يَنْصَرِفُوا عَائِدِينَ لِمَنزِلِِهِمْ، وَافَقَ الأبُ علَى مَضَضٍ وقَالَ لَه : سَريعًا يَابُنَي وَلَا تَتَأخَرْ، لَكِنِ الأمُّ كانتْ قَلِقَةً وَغَيرَ رَاضِيةٍ عَنْ نُزُولِهِ هَذِهِ الْمَرَّةِ.
جَلَسَ الأَبُ وَالْأمُّ تَحتَ الْمِظَلَّةِ، وَ”رَءُوفٌ” وَ”رَهَفٌ” يَلْعَبَانِ عَلَى الشَّاطِئِ أمَامَهُمَا.
مَرَّ وَقتٌ غَيْرُ قَلِيلٍ وَلَمْ يَخْرُج “كَرِيمٌ” مِنْ الْبَحرِ، اِنْتَابَهُمَا الْقَلُقُ، فَهُرِعَتِ الْأُمُ إلى الْبَحرِ تُنَادِي عَلَى ابْنِهَا، وَتَدُورُ عَينَاهَا بَاحِثَةً عَنْهُ في كُلِّ الاتِّجَاهَاتِ، وتَصرُخُ لَكِنْ دُونَ جَدوَى، فَهَامَتْ عَلَى وَجْهِهَا لَهْفَى مُتَّجِهَةً لِلدَّاخِلِ، لَعَلَّهَا تَجِدُ فَلْذَةَ كَبِدِهَا، نَزَلَ الْأَبُ خَلْفَهَا يَبْحَثُ هُوَ الآخَرُ ويُنادِي عَليْهَا وَعَلَى ابنِهِ، لكِنْ لَا أحَدَ يُجِيبُ النِّداءَ !
هَاجَ الْبَحرُ وعَلَتْ الأمْوَاجُ ولَمْ يرَ أَحَدٌ مِنْهُمُ الآخرَ !
تَلَوَّنَتِ السَّمَاءُ بَأَلْوَانِ الشَّفَقِ، وَسَقَطَ قُرصُ الشَّمْسِ الأحْمَرُ عَلَى سطح الْمَاءِ في الْجَانِبِ الآخَرِ للبَحرِ عَلَى مَرمَى البَصَرِ مُؤذِنًا بالْغُرُوبِ وَحُلُولِ الظَّلَامِ .
الطِّفْلَانِ يَعبَثَانِ بِالرِّمَالِ عَلَى الشَّاطِئ، والنَّاسُ يَنفَضُّونَ مِنْ حَوْلِهِمَا، والشَّاطِئُ يَكَادُ يَخْلُو إلَّا مِنْهُمَا.
اِنْتَبَهَ رَءُوفٌ وَدَار بِرَأْسِهِ في الْمَكَانِ مِنْ حَوْلِهِ فَوَجَدَ نَفْسَهُ هُوَ وَأُخْتَهُ وَحِيدَانِ وَلَا أحَدَ مَعَهُمَا، وَقُرصُ الشَمْسِ أمَامَهُمَا يَغرَقُ وَيَتَلَاشَى شَيئًا فَشَيئًا، فَضَمَّهَا إِلَيْهِ وَشَخَصَتْ عَيْنَاهُمَا تجَاهَ الْبَحرِ يَنتَظِرَانِ أَنْ يَجُودَ علَيْهِمَا الْمُوجُ بِأمِّهِمْ وَأَبِيهِمْ وَأخِيهِمْ، لَكِنْ اِبْتَلعَ البَحرُ النُّورَ أمَامَهُمَا، ولَمْ يَبْقَ إلَّا الظَّلامُ، فَهَلْ يُضِئُ ظَلَامَ لَيلِهِْمْ بَدْرٌ، وُهَلْ تُؤنِسُ وَحشَتَهمَا النُّجُومُ ؟!
بَقَلَمِي :
أَبُومَازِنْ عَبْدِالْكَافي.
التعليقات مغلقة.