انتحار بعد شهرة قصة قصيرة بقلم/فوزية المهري
بعد حصولها على شهادة الإجازة في اللغة الإنجليزية، شدت الفتاة الرحال إلى إنجلترا، من أجل استكمال دراستها هناك. كانت في أوقات فراغها تمارس بعض الأعمال الحرة، قصد توفير بعض المال.
أثناء ذهابها إلى العمل، كانت تسلك طريقا طويلا بين الحقول، حتى تستمتع بجمالها وخضرتها. ومرة لاح لها حصان جميل يرعى وحيدا بإحدى الضيعات.. أحبته وظلت تتحايل عليه كي يدنو منها دون جدوى. وفي يوم من الأيام، وبعد جهد جهيد، نجحت في استمالته، قدمت له بعض السكاكر وأخذت تمسح على رأسه برفق حتى اطمأن لها. منذ ذلك الحين أصبح الحصان ينتظر زيارتها بلهفة. ما أن تظهر له من بعيد، حتى يقبل مسرعا ويهز رأسه مرحبا. كانت تلاعبه وتمشط شعره، استأنست به واستأنس بها. انتهى العام الدراسي، حيث اضطرت الفتاة للعودة إلى وطنها لقضاء العطلة الصيفية مع أهلها.
بعد انتهاء العطلة عادت إلى دراستها من جديد، أول شيء مر بذهنها هو القيام بزيارة صديقها الحصان.
عندما وصلت إلى الحقل لم تر له أثرا.. كان المكان موحشا.. اضطرت حينها أن تسأل عنه أقرب الجيران. أخبرها أحدهم أنه انتحر. قفز من أعلى الجبل ليحتضنه صدر الوادي العميق. شعرت الفتاة حينها بالحزن كثيرا وسألت عن سبب الحادث. أوضح لها الجار بأنه كان حصان سباق مشهور جدا. كان محاطا بالمعجبين وعاش أكبر الاحتفالات التي كانت تقام على شرفه. كان سعيدا بحياته. وبعد أن تقاعد، احتفظ أسياده بالشهرة، البطولات والميداليات وعزلوه هو، في هذا الحقل المهجور. يأتي أحدهم ليقدم له العلف والماء ثم ينصرف. لقد يئس المسكين ومل من هذه الحياة الخداعة، التي جعلته سجين الوحدة..
فكرت الفتاة وهي تحبس دموعها “لعلي أنا النقطة التي أفاضت الكأس..فهو لم يكن ليفهم أنني ذهبت في عطلة وبأنني سأعود إليه. ليته فهم أن قانون الحياة الذي رمى به في هذه العزلة هنا، هو نفسه الذي فصلني عن وطني وأهلي.. ومع هذا البعد فقدت دفئهم والآن أفقد أغلى صديق”.
التعليقات مغلقة.