” انسياب اللغة ” بقلم محمود حمدون
=====
وأجزم أن أرقى أشكال الغزل ما يكون بين فنجان القهوة وصاحبه , تلك لحظة يتوقف فيها الزمن بينهما , تنساب اللغة دون كلمات مسموعة, تلك حالتي صبيحة كل يوم حينما أنفرد بنفسي وبين أصابعي فنجاني , أتحسس اذنه برفق , تمر أناملي بجسده الرخامي الملمس الناعم من الخارج , فينتقل الدفء من جسد يحسبه قساة القلب أنه موات , بينما يراه العاشق جسدًا ينبض بحياة .. ثم أثنيت بقولي بعد شهيق وزفير : فإن انتهت حالة الغزل بيننا , رفعته بحنوّ بالغ حتى أتشممه وأتنسّم عبيره فيسري خدر النشوة ببطء , يتسلل للأعماق فأنتقل من حال لآخر , حالة لا يدركها إلاّ كل عاشق ..
كانت ضيفتي تجلس أمامي بقوامها الممشوق وقد تطايرت بضع شعيرات من جبينها بفعل هواء التكييف , تتقاطع ساقاها , تهز رجلها ,تزم شفتيها, تتشاغل بالنظر لشاشة ” هاتفها المحمول ” بدا أنها تتجاهل حديثي لكن أجزم أنها كانت تستمع إليّ بجوارحها , علمت ذلك حينما تسللت ابتسامة إلى ثغرها الدقيق, فظننت بداية أن سخرية تتوارى وراءها وأن لسانها سينطلق كتيار كهربي يصعق من يعترضه , لكن .. صمتها البارد ونظرة عينيها, ارتعاشة جفنيها , أيقنت بعدها أنها تحمل من الغيرة فوق ما تستطع أنثي.
التعليقات مغلقة.