انعكاس … قصة قصيرة بقلم/ محمد كسبه
ما بين الليل و النهار ، الضوء و الظلام ، أبقى هنا دائما وحيدة ، صامتة ، أرى الجميع ، استمع لهم ، يعجبني هؤلاء المزاجيون الذين تتقلب انفعالاتهم أمامي ، ضحك بهيستريا ، نظرات خوف ، رعب ، قلق ، اكتئاب ، غناء ، رقص ، صراخ ، إشارات ، حركات ساذجة ، كلمات إطراء ، كلمات بذيئة ، كل الانفعالات و الحركات أعكسها و لا أبدى رد فعل ، فأنا ثابتة دائما ، لست فضولية .
لا أحد يمر من هنا ، إلا و يقف أمامي ، ينظر لوجهى ، تلمع عيناه بالإعجاب ، أو يتحسر على ما مضى ، أمامي الكل يشعر بالحرية الكاملة .
ما هذا ؟ ثمة وقع خطوات حذاء نسائي يقترب أنا أعرف جيدا من هي ؛ لكن لا أراها ، لا يوجد ضوء .
دخلت الفاتنة ، ضغطت على زر الإضاءة ، بصقت في الحوض ، غسلت يدها ، مشطت شعرها ، ضبطت مكياجها ثم وضعت أحمر الشفاة و ها هى القبلة المعتادة التي أحبها طبعتها بشفتيها على وجهي ثم رسمت بالقلم الأحمر قلب و كتبت … I love you … أشعر الآن بالسعادة ، أحب تلك الفاتنة ، يعجبني فستانها القصير ، قوامها المثير ، شعرها المتموج .
نظرت إلي و تمايلت كأنها وردة تداعبها الرياح و غنت … عاشقة و غلبانة و النبي … و انسجمت مع الأغنية ثم نظرت للساعة و ودعتني بقبلة على الهواء ثم انصرفت .
لا أدري كم السعادة و البهجة التي أشعر بها حين أراها ، فأبدو أكثر جمالا .
كل الأحداث في الفندق أعلمها جيدا ، بدون عناء ، الكل في حضرتي يحكي يتكلم ، يعترف ، يتوعد ، لا خجل ولا حياء في وجودي .
أف ما هذه الرائحة الكريهة ، كف عن هذا أيها الأبله ، لا تبصق في وجهي ، حتما إنه لا يسمعني ، من الممكن أن يرش قليلا من الماء علي و قليلا من الصابون السائل مع تدليك خفيف بالفوطة ؛ لكنه أبله لا يعلم كيف يتعامل معي بلطف ، يا ربي إنه لا يستحق لقب عامل نظافة ، هيا انصرف من أمامي لا تنظر في وجهي أنا أكره الأغبياء امثالك .
بعد دقائق دخل الحمام ذلك الرجل الخمسيني ، و نظر إلي بغضب شديد و أقسم أن يقتله و انهال بالسب و الشتم ، ثم اتصل بالتليفون و قال : تعالى أنا في انتظارك لابد أن نصفي الحساب الآن .
بمجرد أن دخل الشاب لكمه في وجهة ، طرحه أرضا ثم ركله بقدمه ، تمالك الشاب نفسه و استجمع قواه ، أمسك يده و خبطه بالرأس عدة مرات ، ترنح العجوز يمينا و يسارا و نظر إلي و فجأة لكمني بخاتم في يده ، تناثرت قطع الزجاج في كل مكان ، في كل قطعة انعكاس و زاوية أخرى من المشهد .
التعليقات مغلقة.