موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

انكماش . بقلم.محمد المراكبى

296

انكماش . بقلم.محمد المراكبى


يمشي متجهما يحمل علي كتفه قُفة ، من خلفه طفله الصغير يتشبث بجلبابه ؛يخشى أن يفقده و هو يتنقل بخفة بين الحافلات يبحث عن تلك التي تقله إلى حيث يريد ، صعد بقفته سبقته ضوضاء بعض المسافرين الذين سدوا أنوفهم ؛ يستهجنونه و يستهجنون تلك الرائحة المنبعثة منها ،صده الكمسري بفظاظة كي يضع قفته مع الأمتعة ، كان يعلم ذلك لكنه كان يخشي أن يسرقها أحد اللصوص فما أكثرهم في المدينة و ما أمهرهم ، فهم يستطيعون فعلا أن يسرقوا الكحل من العين ، لقد حدث له ذلك من قبل و لم يشعر به إلا عندما هم بإخراج محفظته فلم يجدها ، لم يغثه إلا بعض الفكة التي كانت زوجته تخفيها في صدرها .
كان الطفل يعلم بأن هناك معركة قادمة بين أبيه و بين الكمسري مثل كل مرة ، ورغم أنه هو بطلها الحقيقي إلا أنه لن يشارك فيها بكلمة ، إنها نفس المعركة بكل تفاصيلها ، كان أبوه كلما اصطحبه في سفر كان ينزع من معصمه سوار الساعة القديمة التي كان يعتز بها ، و كان يلقنه إجابات على أسئلة يمكن للكمسري أن يسأله إياها ، كان يفعل ذلك حتى لا يظن أحد أنه أصبح راشدا ، و عليه فسوف يحاسب حساب الكبار.
إن أباه رغم مرور السنين لا يزال يرى أنه حِتِتْ عيل لا يستحق أن يدفع له ، و الكمسري يرى أنه مادام يجلس على مقعد مستقل ؛ فلابد له من أجرة كاملة مثله مثل القفة تماما .
كان الكمسري يعرض علي أبيه فى كل مرة بأن يجلس الطفل على رجليه مقابل نصف تذكره ، يريد بذلك أن يدفع عن نفسه المؤاخذة من المفتش ما أمكنه، و ذلك هو أقصى ما يمكن أن يقدمه .
كان الرجل يعلم أن هذا العرض عرض مدهش إلا أنه كان يتظاهر بعدم الرضا به و لذلك كان يواصل التفاوض من أجل مزيد من المكاسب ؛ إذ ماذا يضير الكمسري لو اعتبرهما شخصا واحدا لكنه سمين بعض الشيء ؟ فما هو في حقيقه الامر إلا طفل صغير .
أما الطفل و رغم قلقه كان يتمنى بينه وبين نفسه ألا يوافق الكمسري على ما يطلبه أبوه و أن يصر على ان يدفع تذكرة كاملة و بهذا الشكل يكون قد حصل على شهادة من موظف رسمي بأنه قد تخطى تلك المرحلة البائسة مرحلة الطفولة فيرضى بذلك مهما نعته ابوه بما يخالف مراده .
وضع أبوه قفته على المقعد بعد أن اشترط عليه الكمسري أن يدفع لها مثل ما سيدفع لنفسه .
أجلس الطفل بجاورها و أوصاه بها ثم تركه و ذهب ليشتري له ساندوتش طعمية الذي كان قد وعده به.
أخذت دماغ الطفل تلف و تدور لما غاب أبوه، لم يكن أمامه إلا القفة يلتصق بها لا يدري أهو بذلك يحميها من السرقة ، أم أنها هي من تحفظه من الضياع ، كانت تلك أول مهمة يكلفه بها أبوه .
شرد الطفل إلى عوالم لا توجد إلا في أدمغة أمثاله ، فكان يصنع الحدث في خياله فيجعل أحد الاشقياء يخطفه ثم يجعل أباه يبحث عنه في كل الأماكن ، كل ذلك و هو يتمني ألا ينادي عليه كما ينادون دائما :
عيل تايه يا ولاد الحلال
كان يجعل أباه يبكى و يندم علي تقصيره في الحفاظ عليه ، وينذر النذور لأهل البيت و يطلب منهم الأمداد .
أفاق من خيالاته على الكمسري و هو يلومه علي تأخر أبيه و يهدده بأن الحافلة ستتحرك بعد دقائق حتى وإن لم يصل أبوه في الموعد ، كان يلومه بحدة ، لكنه كان يخفى ارتعاده منه و يتظاهر برباطة الجأش حتي لا يظنه الكمسري هو الآخر ‘ حِتَتْ عيل ‘ و مع ذلك كان يتشبث بالقفة أكثر فأكثر.
جلس السائق على المقود بعد أن عدل المنديل حول عنقه في إشارة واضحة لنيته بالانطلاق .
كانت دقات قلب الطفل تتسارع خوفا من مصير مجهول ، إنه على وشك البكاء فيا له من شعور قاتل ذلك الشعور بالضياع ، أطلق لخياله العنان مرة أخرى ، إنهم قد يكونون من المجانين فيرمونه هو و قفة أبيه خارج الحافلة أو ربما يطمعون بالقفة و يزهدون فيه .
أخذ ينادي على أبيه فى صمت و ينظر في المدي بتركيز فربما يلمحه آتيا من بعيد ، فيخبرهم يأن يتوقفوا ، كان يرفع رأسه إلى السماء يستحلفها بأن تعيده إليه، فتح السائق باب الحافلة فصعد أبوه بهدوء كاد الطفل يبكي لما رآه ، لم يبد أحد ضجرا كأنهم كانوا على اتفاق على اللقاء أمام دكان الفول و الطعمية.فيا له من مخادع ذلك الكمسري ؛إنه يستحق ما يفعله به أبوه .

تذاكر يا حضرات . الكل يدفع له بهدوء و سلاسة حتى أتى بمحاذاتهما
،و بدأت المعركة الدورية بين أبيه و بين الكمسري ، حينئذ أخذ الطفل ينكمش و ينكمش ، يلتصق بالقفة كان يبالغ في ذلك ؛ حتى يبدو ضئيلا ، و تكون مهمة أبيه في التفاوض مع الكمسري أكثر سهولة.

التعليقات مغلقة.