بائعة الكبريت هيفاء البريجاوى
قصة عشناها وطالما قلدناها ،،،دون ان نعي عمق مغزاها ،،،اليوم كنت أشتري حاجيات للمنزل ،،،،
أشجار الزينة للاحتفال بعيد رأس السنة تملأ المحلات والألعاب واكتظاظ الأسواق بالناس والفرحة تملأ وجوههم ،بث بقلبي سعادة لا توصف ،،والعائلات كلها تجهز للاحتفالات أدامها الله فرحة تعم كل البيوت ،،،وعام مكلل بالسعادة والهناء والتوفيق لكل الأسر يا رب ،وأناأجلس على الطاولة أنتظر ريثما يجهز الطلب ، شدني موقف بهمس روح تئن ألما ،،،
أطفال يمشون بأحذية شبه ممزقة ،،وأجسادهم شبه عارية ،،وعلامات الفقر والتعب تتخبط بخطواتهم المترهلة ،،،،يترقبون الجالسين على طاولات المطعم على الحافة ،أول ما غادر أحدهم الطاولة ودفعوا الحساب ،والطاولة لاتزال شبه ممتلئة ،اقتربوا رويدا من العامل ليهمسوا له ،،،اختطفوا قلبي أمانتهم وعزة نفوسهم ،،،،وأنا أتابع الموقف ودموعي تغافل نبضاتي المتسارعة ،،،، للبرهة الاولى ألف سؤال خطر ببالي وهو يدخلهم المطعم بعدما همس لصاحب المطعم ،،،فإذا به يجلسهم على طاولة بجواره ،ويحضر لهم أفخر انواع الاطعمة ،،،،كنت أقرا تلك النظرات بعيونهم ،،،وانا لا اقوى متابعة المسير ،،،،كنت أتتبعهم بنظراتي المتلاحقة بسرور للبرهة الاولى ،لإكرامه لهم ،،،لكن ما أدهشني حقا ،،،أنهم لم يمدو أيديهم لتناول الأطعمة،،،رغم أنه احضر لهم أفخر المأكولات التي تقدم بالمطعم ،،،وفورا جُهِز لهم الطلب
تفاجأ صاحب المطعم ،ليقرب منهم وأنا ما زلت بكل حواسي أترقبهم ،،،ليخبروه إن امكن ان ياخذوه البيت ،فأمهم المريضة وحدها ،ويريدون أن يشاركوها العشاء ،،،بخجل ونظرات مكسورة وحياء ،،،اقترب صاحب المطعم منهم ،وقبل رؤوسهم ،والدموع تغطي وجنتيه ،،،وجهز لهم أكياسا وأخذهم بسيارته ،،،ليوصلهم حيث يسكنون و أمهم ،،،
يناديني الأوردر لأخذ الطلب ،وانا في ذهول ،،،
ياترى من الأجدر بالاستحقاق بإنسانيته ،،أصاحب المطعم أم هؤلاء الأطفال الذين يبحثون على أطعمة لا لأنفسهم ،بل ليفرحوا أمهم المريضة ،ويحتفلون معها بأقل أسباب السعادة كما باقي الأسر ،،،
ليزرعوا الفرحة بقلبها ،،،لأعود بذاكرتي ،لقصة بائعة الكبريت وكم من الأحلام تمنت وحلمت ،لتوقظ أمانيها الطفولية نبضات سماء تحيا تحت ظلالها ،بروح حلقت بجنات الخلد ،،،،معلقة بالأماني والأضواء تملأ البيوت سعادة وفرحا وهي تختلس نظرات البؤس والحرمان ،،،بخجل وخوف وبرد يقطع أوصالها،،،
لأعود البيت وصورة الأولاد لا تغيب عن ناظري ،،،
وأفكر كيف سنكون لهم اليد التي تقيهم عوز الحاجة ،،،،لأخاطب نفسي يا ترى من موائد عامرة بما لذ وطاب ،بأفخم المطاعم تترك وترمى لربما لساعات طرب ولهو ،كم من البيوت ستعمر بثمنها ،وكم دمعة حرمان ستحول لفرحة تملأ قلوب أيتام لربما ،او عجزة ،أو مرضى بحاجة لدواء ،أو عملية ، ينادون عليّ اولادي وأنا ما زالت أتابع الكتابة ،،لأغفو على قرطاستي ،أعود لزمان ليلى وأعواد الثقاب، وأحلام ليتها تصبح حقيقة ،تلامس انين تلك القلوب وتحول بردها وصقيعها لدفء وئام ومحبة ،،،،ليتنا وليتنا نتشارك ان نحول مخيمات التشرد ،لبيوت من لبن تحتضن أسر متشردة علها تعيش تلك السنين البعيدة التي لا تزال تحضر بالذاكرة
بقلم//هيفاء البريجاوي//سورية
كل عام وكل الأحباب وأسرة وطننا العربي بأكمله بألف ألف خير ،،،،،،،،،
التعليقات مغلقة.