بجانب قبر أمي بقلم/بوعون العيد
أيقضوني باكرا على غير عادتي بجبتي وسروالي الباليين وبشبشبي ( شلاكتي ) قصدت البرِيّة أمرًا لأنهم اختاروا لي عملا يُبْعدني عن الديار حتى لا … بَعدكِ أمّاه نمت وحيدا في زاوية من زوايا ذلك البيت الذي كنت سيدة فيه آمرة، ناهية بملابسي التي لم تفارق جسدي ليلاً نهارًا، بعدك سُرق وسُلب مني كلُّ جميلٍ حتى سِنة النومِ بتّ أفتش عنها في غير ذاك المكان، أطارد الجوع، أهش على النّعاس، أستمد الدفء من لُحاف السماء وفراش التربة، همساتهم غمرت أذنيّ حتى..! بقولهم نُبعده لنستريح. صحبة القطيع وثُغاء الخراف ونُباح الكلب. كنت أمشي محتميا بالقطيع أترقب لُحمَته تارة، وطورا أبثُّ همومي وأوجاعي وأبعثها أنّات وأصعدها زفرات، حتى المعزاة كانت تُلاطفني وتمازحني عطفا، وكذا الكلب يبسط ذراعيه حِذائي (قبالتي) لكأنه يقول نم يا صديقي نم يا … لقد نمت البارحة قليلا ساعة هدوء الحركة وسكونها، وعودة الكل الى مأواه أما أنت فلا نم يا… سأحرسك و القطيع، حينها رأيت حجر الصوان خير وسادة و الأرض نعم فراش و نسائم الصباح أحسن لحاف، أماه خلدت للنوم توا فسابقتني الأحلام إليك فكان المطعم و المشرب و الملبس و … فاحتضنتني و مسحت وجهي و تحسست جسدي متسائلة :أخرجوك دون فطور، حتى يديك الصغيرتين و محيّاك الجميل، و شعرك لم تلامسهم قطرات الماء مذ … ألم يشفع لك صباك، براءتك، وحتى غيابي وفراقي لك، ألم يدركوا أن الباقي مصيره كالفاني هل سلبت منهم إنسانيتهم، أم أن الجحود عربد في سماء حياتهم فأغشيت أبصارهم و أعميت قلوبهم التي في الصدور، صغيري، فلذة كبدي لقد حان وقت عودتك إلى … فعين الله تحرُسك و تحميك، حينها استفقت على شمس الضُّحى و تجمع القطيع فلم أنتبه إلا و الحجر قد رُسم على خدي الأيسر، تساورني الوحدة وتضنيني الآلام و يقسم ظهري الشّوق والحاجة الى من حملتني في بطنها، لأنها الدُّنيا و ما فيها فلا معنى للحياة دونها فيا من حمتكم ورعتكم يد الأم حتى الكبر، فأنتم المحظوظون الموفورون المتنعمون دفئا و عطفا وحنانا، وجنة عرضها السماوات والأرض فكونوا لها قبل أن تكون عليكم.
التعليقات مغلقة.