برنامج قصة حياة للأديب حسين الجندي : جدائل
قصة جدائل بسن قلم الأديب حسين الجندي
جلست أمام مرآتها تغازل شعراتها الذهبية المسترسلة برقة الورد وتهدهدها كما الوليد، أخذت تتأملها، بدأت بمحاولة تضفيرها، نعم محاولة؛فهي لم تتعود قط على ذلك..
جاء من ورائها، أمسك بشعراتها بحنان وكأنه يشاركها في حالة الوُجْد التي انتابتها، لم تلحظه بل لم تشعر به مطلقا، أمسك كتفيها وأدارها إليه بكرسيها ذي المقعد المستدير الذي يمتلك القدرة على الدوران،طبع قبلة حانية على جبينها،وأردفها بأخرى على وجنتها، وقَبْل أن يُقَبِّلها في…
همست إليه:
ممكن أطلب منك شيئا؟!
ترددت..
أومأ إليها أن تُكْمِل..
أمسكت بطرف شعرها ثم أردفت بلهجة أقرب إلى الاستعطاف:
أتستطيع؟!
شرد للحظات دار فيها عقله في كل الاتجاهات..
أيستطيع ماذا؟!
قطع شروده القصير مجيبا في حيرة:
أأستطيع ماذا؟!
فرت من عينيها دمعات خجلى ساخنة:
أتستطيع تضفير شعري؟
فغر فاهه ببلاهة؛كان هذا الأمر خارجا تماما عن كل توقعاته..
وقبل أن يجيب أخرجت صورة من حقيبتها..
صورة عفوية التقطها لها خالها في إحدى الزيارات..
تماهت تماما مع الصورة وكأنها تراها لأول مرة..
فيها يُضَفِّر والدها شعرها جدائل متناسقات..
لقد ظل يفعل لها ذلك منذ وفاة والدتها وهي لم تتخطَ بعد الرابعة..
لقد رهن والدها حياته لها فهي وحيدته، لقد أضحت له البنت والزوجة..
طالما جرت منه في البدايات ضجرا تتوسله أن يترك شعرها منسدلا، لكنه ذكرها بوالدتها ذات الجدائل الذهبية..
صور أمها فعلا أجمل ما يزينها فيها تلك الجدائل الذهبية..
حنانه وطيبته وأنامله الرقيقة الماهرة جعلتها في الأخير تقبع بين رجليه وهو يشرع يديه في شعرها..
ظلا هكذا حتى صارت عروسا..
مجرد فكرة ابتعادها عنه جعله يزهد الدنيا..
أخذوها منه ليذهبوا بها إلى (الكوافير)، كانت لحظة حرجة في حياته..
طبع قبلة مرتعشة على جبينها،بعدها سقطت يداه إلى جنبيه!
ولم يستطع تحريكهما بعد أبدا..
أفاقت على رده الذي انتزعها من داخل الصورة:
ولكني أُفَضِّل الشعر المنسدل.
التعليقات مغلقة.