بستان العربية “تنويعات على مادة صلُح .وما يدخل في فلكها من المعاني في المجرد والمزيد” … د. وجيهة السطل
بستان العربية “تنويعات على مادة صلُح .وما يدخل في فلكها من المعاني في المجرد والمزيد” …
د. وجيهة السطل
تنويعات على مادة صلُح .وما يدخل في فلكها من المعاني في المجرد والمزيد .
ما الفرق بين الصالح و المُصلح ؟؟
الصالح اسم فاعل من صلُح .
ويعبر الباب الخامس صرفيًّا،عن كل معنى قام به فاعله بجهد ذاتي منه،ومارس فعله حتى اعتاد عليه وعرف به .
فالصالح خيره لنفسه ،ويعود نفعه عليه .
أما المصلح فاسم فاعل من المتعدي بالهمزة أصلح .
ويقول علماء اللغة : لابد لكل زيادة في المبنى،من أن تواكبها زيادة في المعنى . ومعاني حروف الزيادة في أوزان المزيد على الثلاثي كثيرة جميلة ثريَّة طريفةٌ في كل الأوزان .
ومن معاني زيادة الألف التعدية للمرتبة التي تلي :
( جلس وأجلس -دخل وأدخل -علم وأعلم ) .فضلًا عن نقل المعنى بالهمزة أحيانًا إلى نقيضه كما في قولنا: قسط وأقسط
فمن أسماء اللّه تعالى الحسنى المُقْسِطُ : وهو العادِلُ .
يقال : أَقْسَطَ يُقْسِطُ ، فهو مُقْسِطٌ إِذا عدَل .
وعكسها قَسَطَ يَقْسِطُ ، فهو قاسِطٌ إِذا جارَ وظلم ، فكأَن الهمزة في أَقْسَط َللسَّلْب كما يقال: عاتبه فأعتبه أي صالحه، وأزال أسباب عتابه.
والإصلاح له شقان: مادي ومعنوي ، ولكل منهما أدواته ، ويجب عدم الخلط بينهما ، فلا يقدر على إصلاح المُخرَّب هيكليًّا كالكرسي والباب والسيارة ،إلا الخبير الحاذق في مهنته ، العارف لأسرارها . وكذلك لايملك أدوات إصلاح الناس وهدايتهم ، وتبصيرهم بالصواب إلا من اهتدى إلى ذلك أولًا .
وعلى أن خير المصلح لغيره ، فمن البدهي أنه لن يتمكن من إصلاح غيره مالم يكن صالحًا بنفسه .
لذا يصح القول: كل مصلحٍ صالحٌ ،وليس كل صالحٍ مصلحًا لأنها ملكات وقدرات وقبول وجرأة لا تتاح لكل صالح .
وفي ضوء هذا فقد لايكون المصلح المادي مصلحًا معنويًٌا ، والعكس صحيح . وأراني أميل إلى استعمال وزن فعَّل صلَّح للإصلاح المادي ، .والمصدر تصليح .
وأصلح للعيوب المعنوية والسلوكيات والأخلاقيات ومصدره إصلاح .
ولو تأملنا في علاقات الناس بهما لوجدنا أن الصالح
تحبُه الناس ، والمصلح تعاديه الناس.
فالحبيب المصطفى(صلى الله عليه وسلم)
أحبه قومه قبل البعثة لأنه صالح.
ولكن لما
بعثه الله تعالى رسولًا ،
صار مصلحًا ،فعادوه
وقالوا ساحر كذاب مجنون.
فما السبب ؟؟؟؟
لأن المصلح
يصطدم بصخرة ٍمن أهواء الناس الذين يريد إصلاحهم .
ولذا أوصى لقمان ابنه بالصبر،حين حثه على الإصلاح ،لأنه سيقابل بالعداوة:( يا بني أقم الصلاةوأمر بالمعروف ،وانهَ عن المنكر واصبر على ما أصابك )
قال أهل
الفضل والعلم
مصلحٌ واحدٌ أحب إلى الله من آلاف الصالحين.
لأن المصلح يحمي الله به أمة، والصالح
يكتفي بحماية نفسه. وقد قال الله
عز و جل في
محكم التنزيل :{ وَمَا كَانَ رَبُّكَ
لِيُهْلِكَ الْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ)
ولم يقل:وأهلها صالحون …
وقد شذُّ عن هذه القاعدة ، من يقول الله تعالى عنهم {{ أتأمرون الناس بالبر وتنسَون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون }} البقرة : ٤٤
.وهؤلاء هم المنافقون
فلنكن صالحين أولًا ،لنعرف ونتعلم كيف نكون مصلحين
اللهم اجعلنا من الصالحين المصلحين…. وعافِنا واعفُ عنا .
التعليقات مغلقة.