بستان العربية “ما اسم الفاعل واسم المفعول من (مات وأمات ) ؟”… د.وجيهة السطل
ما اسم الفاعل واسم المفعول من (مات وأمات ) ؟…
د.وجيهة السطل
وأفتى بعضهم بأنه يمتنع مجيء اسم الفاعل والمفعول منهما ،لأن الفعل غير قابل للتفاوت .
وهذه فتوى من يهرف بما لا يعرف؛لأن معيار عدم القابلية للتفاوت ليست في صياغة اسم الفاعل واسم المفعول، بل في اسم التفضيل وصيغتي التعجب ما أفعله وأفعِلْ به .وهذا ليس موضوعنا .
أما الفعلُ ماتَ: فالقياسُ في اسم فاعِلِه أن يَكونَ على صيغة فاعل [مائت] بإبدال العلة همزة. مثل قائل وبائع .ولكنّه أريدَ به الصفة الثابتَة اللازمَة، فدُلَّ عليه بالصّفَة المشبّهَة [مَيّت] أي سيحدث موتُه، ويدومَ، وسيدومُ مُستقبلاً. فالمشتقُّ الذي يَكونُ على صيغةِ اسم الفاعلِ ويتضمّنُ ثُبوتَ الحَدَث وديمومَتَه يتحوّلُ إلى صفةٍ مُشبّهَة.وكأن العرب المبدعين في لغتهم ،أرادوا أن يميِّزوا بالصيغة بين من له دور حقيقي في حدوث الفعل،وبين من لا حول له ولا قوة فيما يراد له . فالموت إرادة الخالق تقع على المخلوق، والفاعل نحوي وليس حقيقيًّا .فاستبدلوا صيغة فَعيل بصيغة فاعل ،وقالوا: هو ميِّت. وهي صيغة أقرب في المعنى إلى اسم المفعول . فالموت إرادة الخالق تقع على المخلوق، وهي صيغة واحدة لاسم الفاعل واسم المفعول .ومثلها كلمة سيِّد من ساد فلا نقول لمن ساد قومه سائد، وإنما سيِّد .لأنه لم يكن له دور في تسويده عليهم.فكلاهما وقع فيه الفعل بإرادة خارجية.وكل من اللفظين حصل لهما إعلال في وزن فَعيل ،وأصلها مَوِيْت>حصل إعلال بتبادل الحركتين بين الواو والياء فصارت موْيِت. وقانون الإعلال يقول : إذا اجتمعت الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون ، قلبت الواو ياء وأدغمت في أختها. فكانت ميِّت.ومثلها صرفيًّا سيِّد، وهيِّن، وصيِّن.
واستخدم العرب، لفظ [سائد] في الانتشار(السواد المعنوي) لفكرة أوقيمة . (أمر سائد . عرف سائد ).
واسمُ الفاعل من مات ،إذا وَرَدَ بالصّيغةِ القياسيّة : مائت، لا يعني الميت ، وإنما يُفيدُ المُبالَغَة في الشيء؛ كقولهم شِعْرٌ شاعِرٌ، ومَوتٌ مائِت ،ويوم مائِت ، ونَصَبٌ ناصِبٌ، ولَيْلٌ نائمٌ أو قائمٌ أو ساهرٌ، أَي يُنامُ فيه أو يُسهَرُ أو يُصلّى فيه صلاةَ القيام، ويوم عاصِفٌ اشتدَّت به الرّيحُ، وهو في المَعْنى: يومٌ مَعصوفٌ فيه أوٌ فيه الرّيح ُعاصفةٌ .
وقولنا عمن فارق الحياة جسدًا وروحًا مَيِّتٌ بتشديد الياء خطأ شائع؛ فالميِّتُ هو الحي المخلوق المهيأ جسديًّا بقدرة الإله للموت.وهو الذي سيَحُلُّ به الموتُ، وهذا واضحٌ في قولِه تعالى: «إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ» سورة الزمر :٣٠ والمخاطبَ به النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وهو على قيد الحياة .
أمّا مَنْ فارَقَت روحُه جَسدَه، وسُلِبَ الحياةَ، وماتَ حقيقة، فهو المَيْتُ: بالتخفيف وسكون الياء .(أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه مَيْتًا فكرهتموه ) سورة الحجرات: ١٢
وقد نجد لفظُ الميِّت بالتّشديد،عند بعضهم، دالًّا على مَن قد مات،َ وعند آخرين على مَن سَيَمُوتُ .ويفسر باختلاف لغة القبائل.
وذكر بعضهم أن[مائت] مثلُ الميِّت: وهو الذي سيحلُّ به الموتُ ولم يَمُتْ بعدُ.
وليس في اللغة مَموت على وزن مفعول من [ مات] كقولنا: مقول من قال .ولكن الميِّت بالتشديد مشتق (صفة مشبهة )يدل على من وقع عليه فعل الموت .
ويُصاغُ من الثّلاثيّ المزيد بهمزة التّعدية [أمات]، اسمُ المفعول على وزن المضارع بإبدال حرف المضارعة ميمًا مضمومة، وفتح ما قبل الآخر،والألف بديل الفتحة : المُماتُ، ولا تستخدم للدلالة على من وقع عليه الموت . والمُماتُ والمائت في علم الدلالة ، هو الذي أميتَ وهُجِرَ أو تُنوسِيَ أصلُه من الألفاظ ، كقول أهل اللغة: مَدَنَ بالمكان أَقام به، وهو فِعْلٌ مُمات ومائت، وبقي من أسرته حيًّا المَدِينة.ومنه أيضًا قولهم: يدع،ويذر بمعنى يترك /ماضيهما ودع /وذر بمعنى ترك. وكل منهما فعل مائت وممات في صيغة الماضي .
.. أما اسم الفاعل من المزيد مُمِيت (بضم الميم والياء بديل الكسرة فيما قبل الآخر ) . وهو كثير الاستخدام في اللغة حقيقة (سمٌّ مميت )أو مجازًا (الإهمال في الحب مميت ).
بارك الله فيكم .
ولكم تحياتي
التعليقات مغلقة.