بقاء مشروط .. بقلم دكتور / صُبحي زُردُق
هى ابنة عمه ، قد شغفها حُباً و قد شغفته كذلك. اتفقا على أن يتزوجا مستقبلاً بعد انتهاء الدراسة ، متطلعين في ذلك إلى بناء أسعد عُش زوجية ..
انتهت الدراسة ، و اقترب الحُلم ، ولكن للأسف غالباً ما تأتي الرياح بما لا تشتهي السُفن ….
قد تقدم لخطبتِها من شباب القرية من هو أفضل منه ، لم تستطع مقاومة الإغراءات ، و تحت ضغط من أبويها وافقت على الزواج منه …
عَلِمَ ابن عمها بالخبر ، فكان كسهم مسموم اخترق شغاف قلبه. انهار الفتى من هول الخبر .. و لكنه عزم على الرد على تلك الضربة الموجعة .. تقدم لخطبة فتاة أخرى، و بالفعل وافقت على الزواج منه ..
يا تُرى ماذا تُخبىء الأيام لهذين العاشقَين ؟ هل سيتغير شيء في الأمور ؟ هل (سيعود كل منهما للآخر ) ؟ ..
حدث ما لم يكن في الحُسبان ، ابتسمت لهما الأيامُ …
فقد تركت خطيبها لسببٍ ما ، فقام على الفور هو أيضا بفسخ خِطبته ، و عاد الحبيبان لحبِهِما القديم ، و بزغ نور الأمل في قلبيهِما من جديد .. قام بالتقدم لها ، فوافقت على الفور .. و عمت الفرحة الأرجاء..
- عُرس و صدمة
دقت طبول العُرس المنتظَر ، وتزوج الحبيبان أخيرًا وسط فرحة عارمة ، و نظرات حُب متبادلة .. و في أثناء الزفاف السعيد أُصيب أحد أفراد الأسرة بطلق ناري ، فمات على الفور .. للأسف عمَّ الحزن الأرجاء ، و سالت الدموع من عيون العروسين.. و أُعلن الحداد لثلاثة أيام .. وكانت تلك هى الصدمة الأولى .
تُرى ماذا تُخبىء الأيام بعد ذلك لهذين العاشقين ؟ …
مرَّ الآن عام على الزواج السعيد ، و لكن أتت الرياح للمرة الثانية بما لا تشتهي السُفن .. لم يحدث حمل حتى الآن ، بدأ القلق يدب بين الطرفين .. قد كشر لهم الزمان عن أنيابه.. سعيا بين عيادات أمراض النساء و الولادة مراراً و تكراراً باحثَين عن السبب ، والطرفان في حالة توجس ، منه أم منها .. ؟
جاءت النتيجة الحاسمة بأن السبب منها و ليست منه ، أصبح موقفها ضعيفًا ، توترت بينهما العلاقات أكثر فأكثر .. رأى الزوج أن يُعطِى لزوجته الحبيبة فرصة ..
مرَّ الآن ثلاث سنوات دون إنجاب ، بدأ أهل الزوج في الإلحاح عليه كي يتزوج ، و كي لا يضيع العُمر سُدى ، عرض الأمر على زوجته التى ما زال يحبها بشدة ، فكان منها الرد الصادم الصارم ..
هى تعلم مدى حبه الشديد لها ، و على ذلك تعمل ..اشترطت عليه شرطًا وضَعَه في حالةٍ من الصراع النفسي الطاحن ، قالت : إن أردتُ أن أبقى معك فلا تتزوج بقاء مشروط و إلا فسوف أطلب الطلاق ..
وقف الزوج حائر العقل ، مُبلبل المشاعر ، لا يدري ماذا يفعل؟ .. فإما أن يستمر معها دون أطفال ، و إما أن يُطلق أحب الناس إلى قلبه .. مما ادخل الزوج في حالة ” اكتئاب نفسي” Depression أخذ يدور به على عيادات الطب النفسي عساه يجد حلاً لمُعضلتِه تلك .
و بصفتي طبيب نفسي فإن هذا الزوج يعيش أشد حالات الصراع النفسي ضراوةً ، و الذي يُسميه العلماء صراع نفسي من نوع ” (إحجام – إحجام) ” .. فلا الطلاق مرغوب ، و لا الاستمرار بدون أطفال مرغوب .. و أرى أن السبب في ذلك الصراع بالأساس هو ” البقاء المشروط” الذي اشترطته و تمسكت به الزوجة. و أرى أنها لو قبلت بأن يتزوج بأخرى مع بقائِها معه لكان خيرًا لهما … و لكنه حال المرأة الشرقية ..
و أخيراً .. تُرى ماذا سيحدث بعد ..!
……………………..
ملحوظة : القصة حقيقية
التعليقات مغلقة.