بل الرفيق الأعلى… د. أحمد دبيان
بل الرفيق الأعلى
د. أحمد دبيان
فمبلغ العلم فيه انه بشر
وانه خير خلق الله كلهم
هكذا مدح الامام البوصيرى الرسول عليه الصلاة والسلام ملخصاً عظمته وعبقريته فى بشريته .
كان الامام البوصيرى يستلهم السرد النبوى الذى أراد اعرابى فيه ان يعظم النبى كملك وقيصر ، فأبان له المصطفى فى عظمة اصحاب الرسالات وزهدهم فى الفخر المرائى ،مهدئا من روعه قائلا :
رويدك يا رجل ما انا الا ابن امرأة كانت تأكل القديد فى مكة .
فالرسول هنا بجسده خاضع لقوانين فناء البشر ونواميسها .
وحين يأتى البعض ليتعاطوا رواية وفاة الرسول جراء الشاة المسمومة التى طبختها له المرأة اليهودية والتى تعطل سمها حسب السرديات التاريخية .
فنحن هنا نناقض العلم الذى خلق الله قوانينه وجعلها الحكم لناموسه على الأرض.
وبغض النظر عن السرد الذى يرسخ للتفوق اليهودى ولعلو ابناء العم فى نعومة الدس وغباء وببغائية المرددين .
سوف نستعرض جانبا من السموم التاريخية والحديثة مع التركيز على السموم القديمة والتى استخدمها القدماء وكانت فى الأغلب موجودة على زمن الرسول عليه الصلاة والسلام .
يمتد تاريخ السم إلى ما هو أبعد من 4500 سنة قبل الميلاد. استخدم البشر السموم عبر تاريخهم لأهداف شتى، ولكن من حيث الإجمال، استعمله البشر كسلاح، أو مضاد للسموم، أو علاج طبي. كان للسم دور في تقدم الكثير من الفروع العلمية منها علم السموم والتقنية.
تمَّ اكتشاف السم في العهود الغابرة من الزمن، وقد استخدمته القبائل والحضارات القديمة كأداة للصيد لتسريع إماتة الفريسة – أو العدو – والتأكد من ذلك. وهكذا بدأ هذا الاستعمال بالتطور فقام البشر القدماء بصناعة أسلحة مصممة خصيصاً لزيادة فاعلية السم. وفي فترة متأخرة من التاريخ وفي عهد الإمبراطورية الرومانية خصوصاً – استُعمل السم بشكل واسع لتنفيذ عمليات الاغتيال. وردت الإشارة إلى حادثة تسميم – على وجبة عشاء أو في مشروب – في حدود عام 331 قبل الميلاد، ثم أصبح هذا الفعل شائعاً. وقد سُجلت ظاهرة التسميم بالمواد المميتة في كل الطبقات الاجتماعية حتى طبقة النبلاء، فقد كانوا يستخدمون هذه الطريقة للتخلص من غير المرغوب بهم من معارضيهم السياسيين أو الاقتصاديين.
من اقدم السموم فى تاريخ البشرية ، هى
1- السيانيد : السم الأكثر شعبية منذ أن قدمته الكاتبة الإنجليزية أجاثا كريستي في رواياتها، ومن أسرع طرق القتل التي عرضت في أفلام هوليوود، لأنه قادر على تدمير وظيفة الجهاز العصبي المركزي مما يسبب الشلل الكامل، كما أنه يؤثر على القلب، لأنه يعيق تدفق الأكسجين إلى الدم. يأتي السيانيد بأشكال مختلفة على سبيل المثال في شكل غاز سيانيد الهيدروجين الذي يقتل في غضون دقائق قليلة من استنشاقه، ويأتي أيضاً على شكل أقراص وهناك شائعات تفيد بأن بعض الوكلاء السريين كانوا يتناولون هذه الأقراص عندما يتم القبض عليهم لينقذوا أنفسهم من التعذيب أثناء التحقيقات السيانيد موجود فى بذور بعض النباتات وفاكهتها ايضا ، يحتاج السيانيد لتفعيله الى حمض المعدة وهو ما عطل تسمم راسبوتين حيث كان يعانى من نقص حمض المعدة او ال
Achlorhydria
2- مادة تيدرودوتاكسين : من السموم العصبية التي لها تأثيرعلى الوظائف الحيوية للمخ، يبدأ بشلل الفم ثم يتصاعد بسرعة ليدخل الضحية في غيبوبة وفي النهاية يتدمر الجهاز العصبي كاملاً ويموت الضحية على الفور. وجد هذا السم في المخلوقات البحرية وخاصة الأخطبوط ذو الحلقات الزرقاء والينفوخة، يستطيع الأخطبوط حقن السم من خلال الاتصال المباشر مع الإنسان ولكن خطر الينفوخة يكمن في تناولها ومن العجيب أنها من أكثر الأسماك استخداما لصناعة السوشي في اليابان وقد قتلت هذه الأسماك الكثير من الشعب الياباني بسبب عدم تنظيفها بشكل صحيح، لذلك يتم تقديم هذه الأسماك فقط تحت إشراف الطهاة ذو الخبرة والمدربين جيداً على التعامل معها.
3- البولونيوم : هو عنصر إشعاعي يستهدف خلايا الجسم ويقوم بقتلها على الفور إما عن طريق الحقن في الجسم أو استنشاقها. يتميز هذا السم بالقتل البطيء فقد يستغرق الأمر شهراً كاملاً قبل أن تسقط ضحاياه وللأسف ليس له علاج. استخدم لقتل شخصيات سياسية معروفة مثل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات والوكيل الروسي الكسندر ليتفينينكو وهو السم الوحيد الذى قد ينطبق سيناريو استخدامه مع تعطيل السم او السم البطئ للرسول وبالتأكيد لم يكن موجوداً ولا اليهود وقتها كان على دراية باستخلاصه .
4- الزئبق
للزئبق ثلاثة أشكال مختلفة
عنصر الزئبق وهو الذي يستخدم لقياس درجة حرارة الجسم، وهو سام فقط عند استنشاقه لأنه يوقف وظائف الجهاز العصبي المركزي مما يسبب الموت الفوري، ولمس السائل ليس خطيرًا على الإطلاق.
الزئبق غير العضوي وهو المستخدم في صناعة البطاريات، وخطره يكمن فقط في تناوله.
والشكل الثالث هو الزئبق العضوي وهو الموجود في أسماك التونة ويصبح ساماً فقط عند تناوله بكميات كبيرة ولهذا ينصح بتناول أسماك التونة دائماً بكميات محدودة.
5- سم البوتيولينيوم : و تعتبر من المواد السامة جداً عندما تتصل البكتيريا الموجودة في تلك المادة مع جرح مفتوح او باكل بعض الأكلات كالسمك المملح الشهير بالفسيخ والذى يتم تحضيره فى بيئة لا هوائية فهي قادرة على شل العضلات مع تدمير وظائف الرئتين، والعجيب في أمرها أنها تستخدم في حقن البوتوكس في عمليات التجميل، وفي تطوير الأسلحة القاتلة، لذلك فهي قادرة على قتل الكوكب كله.
6- الزرنيخ : وهو من المعادن الثقيلة المعروفة بأنها شديدة السمية وحصل الزرنيخ على لقب (ملك السموم) أنه كان في الماضي مادة مثالية لارتكاب الجرائم دون المخاطرة بمعرفة من الجاني، ومن المثير للسخرية أنه كان يستخدم لأغراض تجميلية مثل تبييض الجلد ولكن تبين أنه السبب في وفاة بعض الشخصيات الشهيرة مثل: سيمون بوليفار نابليون بونابرت.
7-الريسين : و يستخرج هذا البروتين من بذور نبات الخروع وللأسف يودي بضحاياه إذا تم تناوله عن طريق الفم أو الاستنشاق أو حتى بالحقن يعيق تشكيل البروتين داخل الخلايا فترتفع درجة حرارة الجسم وتشمل أعراضه الحمي العالية مما يؤدي للوفاة.
8- الإستركنين : يستخرج هذا السم من النباتات أيضاً وهو سم قوي لا رائحة له وكمية ضئيلة منه تفي بالغرض، كان يستخدم سابقاً كمبيد حشري. الأعراض الأولى التي له القيء والغثيان الحاد ثم تتصاعد الأعراض إلى تقلصات شديدة بالعضلات وتنتهي بالاختناق.
9- نبات ست الحسن
يتميز هذا النبات باسمه الجميل المستمد من اللغة الإيطالية، وتستخدم في مستحضرات التجميل ولكن أوراق هذا النبات سامة إذا تم تناولها.
10-نبات الشوكران الأبقع
كان يستخدم بشكل كبير أثناء العصور القديمة في اليونان لتعذيب السجناء. تسبب فاعلية السم شللاً كاملاً لجميع العضلات، ولكن يظل المخ يعمل إلى أن يتدمر الجهاز التنفسي ويلقي السجين حتفه، واكتسب هذا النبات شعبية أكثر بعد أن تم استخدامه لقتل الفليسوف سقراط.
مرض الرسول كان بالحمى ، ما يقلص احتمالية رواية السم لتحصرها فى نبات البلادونا او ست الحسن والاستركنين او الريسين او الزرنيخ
وهى السموم التى قد تحدث حرارة كعرض من أعراض سميتها
فى حالة البلادونا او الاستركنين القابض للعضلات والمسبب للتشنجات او الريسين ،
فالوفاة من المستحيل ان تتأخر وهى وفاة فورية .
يبقى الزرنيخ والمتهم تاريخيا بقتل نابوليون وسيمون بوليفار ،
عند التسمم بالزرنيخ بالفم يكون هناك إحساس بطعم قابض يعقبه بعد ابتلاعه فترة كمون لا يظهر بها أعراض تتراوح ما بين 15 دقيقة إلى بضع ساعات حسب محتوي المعدة من الطعام ونوعه، إذ يؤخر وجود طعام دهني امتصاص الزرنيخ لفترات طويلة بينما يعجل الامتصاص تعاطي الزرنيخ على صورة محلول في مشروب ساخن . و تبدأ أعراض التسمم بالصداع، والارتباك، والإسهال الشديد (يشبه الكوليرا ) ينشأ عنه جفاف شديد، والنعاس.
و يصل أيون الزرنيخ الممتص إلى الأعضاء والأنسجة الداخلية للجسم ليفسد عمل النظم الإنزيمية المعتمدة في عملها علي مجموعات السلفهيدريل (sulphhydryl groups).
ومع تطور التسمم يحدث تشنجات مع تغيير في صبغة الأصابع ابيضاض الأظافر، خطوط ميس أو خطوط ألدريتش ميس قد تظهر أيضا.[3] عندما يصبح التسمم حادا، الأعراض قد تتضمن الإسهال الشديد، التقيؤ، وجود الدم في البول ، التشنج العضلي ، فقدان الشعر ، آلام المعدة ، وتشنجات إضافية ووجود هزال شديد وطفح جلدي نزفي مع زيادة في سمك الجلد ولا سيما في راحة اليدين وباطن القدمين (hyperkeratosis) واعتلال عصبي متعدد (polyneuropathy).
يعانى الشخص الذى تم تسميمه بالزرنيخ من الأعراض السابقة والتى وحسب الروايات لم يكن الرسول يشكو منها .
الرسول عليه الصلاة والسلام أصابته عدوى بكتيرية او فيروسية سببت له ارتفاعاً شديدا بالحرارة مع انهيار متتابع فى وظائف الجسم وجفاف شديد
ما يصطلح اليوم على تسميته
بال
Sepsis
او الانتان البكتيري او الفيروس وفيه ، يحدث انهيار فى وظائف الجسد بالتتابع
من فشل تنفسى رئوى
لفشل كلوى
لفشل كبدى
وانهيار فى منظومة التجلط وسيولة شديدة ،
بعض مرضى الانتان او التسمم البكتيري ، يحدث لهم
فقدان للوعى بسبب قصور ارتواء المخ
او ما نصطلح على تسميته بال
Septic encephalopathy
أو اعتلال دماغي انتانى يفقد فيه المريض قدرته على الوعى او اتخاذ القرار ، وقننها الفقه والقضاء بفترة الريبة ،
كان الرسول عليه الصلاة والسلام يعانى من آلام رهيبة فى الجسد والرأس ، وكان يسأل المحيطين به ومنهم سيدنا على رضى الله عنه ان يهرقوا عليه الماء ويصبوه صبا فى فترات الحمى والتى كان يعقبها عرق بارد
هذه الأعراض قد تتشابه مع الملاريا والمنتشرة فى اليمن ونجران ، وان كانت بعيدة الانتشار بعض الشئ عن المدينة ،
هذه الآلام الشديدة التى عانى منها الرسول ترجح ان البكتيريا على الأرجح كانت من نوع ال streptococci
الموجبة والتى قد يصاحب الانتان المتسبب منها الى تكسر فى العضلات
او
Rhabdomyolysis
وتظل هذه الاحتمالية بإصابته عليه الصلاة والسلام بفيروس او بكتيريا وتطور المرض هو الأرجح ، لتسرى السموم البكتيرية ويتفاعل معها الجسد الشريف ذلك التفاعل الذى يضر بسائر الأعضاء لتنتقل الروح الشريفة بعدها الى الرفيق الأعلى.
التعليقات مغلقة.