بهجة روح
بقلم هدى وهبه
تساقطتْ حباتُ المطر كأنها لآليء عقدٍ دري انفرطَ من السماء..وهاهي رائحةُ المطر تملأ الجو؛ فتنعشُ القلبَ والعقلَ معا..وهاهي الذكرياتُ تتسابقُ مسرعةً وافدةً علي عجلٍ من الماضي البعيد، هاهو العرضُ المبهجُ يبدأ..
أشياءٌ وأشياءٌ يستدعي بعضها بعضا كي تنفردَ بروحي المستسلمةِ لمهرجانِ الشتاء وعرضِه الممتع..فهاهي أمي رحمةُ الله عليها تقفُ أمامي رافعةً كفيها إلي السماء باسمةَ الوجه.. داعيةً راجيةً ربها أن يستجيبَ دعواتِها لكلِ الخلقِ أجمعين بكل الخيرِ والسلامة..أما جدتي فتسارعُ بالوضوءِ كي تصلي ركعاتِ شكرٍ علي الخير الذي أرسله الله لخلقه فتظل تلحُ علي الله في الرجاء والدعاء بالفرج والستر والمغفرة…
حالةٌ من الروحانيةِ الجميلةِتعمُ أرجاءَ البيت…
تكملُ أمي طقوسَ الفرح بالمطر….فتُطلقُ البخورَ التي جلبته من أمامِ مسجدِ المرسي أبو العباس وادخرتُه للأعيادِ أيامَ الجُمَع
فيزدادُ به جوُ الروحانيات .رائحتُه رائعةُ الشذي تهديء النفوسَ وتستعذبُها الأرواحُ….تنهي جدتي صلاتَها لتأتي ببعضِ أوانيها..وتضعها علي سورِ البلكونة..حتي تجمعَ بعضَ قطراتِ المطر وتفوزَ منها بكمٍ لابأسَ به .تجمعَها في دورقٍ زجاجي وتهم فتمسحُ بها علي وجه أمي ووجهي..وهي تتمتمُ ببعضِ الدعوات في حرصٍ شديدٍ علي أن تبقي لها بعضا.من عطاءِ السماء فتعيدُ وضوءَها من جديد متيمنةً بجودِها الطهور،فهذا هو يقينُها .
فطالما أتي من السماء فهو من عند الله، هو طهورٌ طهور ، وأن اللهَ بهذا الماءِ لن يخيّبَ لنا رجاءً…أما أنا فكنت أتذرعُ بكلِ الحججِ كي أدلفَ إلي الشارعِ مسرعةً فأسألُ امي بمكرِ الطفولة.. عما تريدُه من أشياءَ حتي احضرها لها.. متعللةً بالخشية من ازديادِ سقوطِ المطر..فلا نستطيعُ إحضارَ مانريد ..وأنالُ مرادي واهرولُ مسرعةً إلي الشارع فأقيمُ طقوسَ سعادتي كمااا يحلو لي ..امدُ بصري وأنظر الي كلِ ماتطالُه عيناي هنا وهناك الأشجارُ.. زجاجُ الشرفاتِ واجهاتُ البيوت…. الذي اكتست هي و غيرها ببريقِ المطر..أشعر أن روحي كطائرٌ علي الأرض له اجنحةيدورُ يمينا تارة ويسارا تارةً أخري
أجري تحتَ المطرِ واستقبله بوجهي فأغمضُ عيناي وأفتحهما سريعا كي لاتغيبَ عنهما روعةَ تلك اللوحةِ الرائعة ,
أشعر أن المطر أتى كي يغسلَ وجهَ الدنيا من كل مامر بها..من أتربةِ الحياة وما لحق بارواحنا من خذلانَ وآلام وأحلام نرقبُ تحقيقَها..فيجددُ آمالَنا ويعودُ لنا بأرواحِنا التائهةِ حاملة معها بشائرَ السعادة؛
التعليقات مغلقة.