بين الانتماء.. والذكاء بقلم عصام فاروق
منذ سنين عديدة، وأيام مديدة، ومع نشأة لعبة كرة القدم، كانت النواحي المادية آخر ما يفكر فيه أي لاعب موهوب، فقد كانت الشهرة والنجومية وحب اللعبة الدافع الأساسي لسعي اللاعب للانتماء لنادٍ بعينه.
وظل الأمر كذلك إلى أن ظهر الاحتراف في مصر بعد اشتراك مصر في كأس العالم عام 1990، على أمل أن ينطلق لاعبونا إلى الدول الأوربية.
وبعد الاحتراف الداخلي أصبح الحديث عن الانتماء ضربًا من العبث، ذلك لأن اللاعب مهما كانت درجة موهبته قديمًا قبل الاحتراف، كان يأخذ راتبًا زهيدًا، ليس فيه طفرة كبيرة عن غيره في غير ناديه، لذا كان خروجه من ناديه إلى نادٍ آخر لا يمثل له حلمًا كبيرًا، إلا إذا كان لأحد ناديي القمة في المنافسة الأهلي أو الزمالك.
أما الآن فيعدّ ضربًا من الخيال أن يترك لاعبٌ عرضًا ماديًّا كبيرًا من أجل الانتماء إلى نادٍ، هذا والله ليس من الذكاء، في عصر أصبح اللاعب سلعة استثمارية يستفيد منها من يملك ثمنها، وهو ذاته يستثمر موهبته فترة قدرته على العطاء، وكذلك النادي الذي يلعب له.
أكتب هذا بعد أن رأيت أمس الخميس 2020/12/3 حلقة من برنامج “التاسعة” على القناة الأولى، تقديم الأستاذ وائل الإبراشي ونجمة الشاشة العائدة نجوى إبراهيم في أولى حلقاتها بالبرنامج، مستضيفَين الكابتن إكرامي أحمد، حارس مرمى الأهلي المصري في الزمن الجميل، زمن الفن، ووالد الكابتن شريف إكرامي حارس مرمى النادي الأهلي السابق، ووالد زوجة الكابتن رمضان صبحي، المنتقل حديثًا إلى نادي بيراميدز، وكان الحديث في أغلب الحلقة عن دور الكابتن إكرامي ورأيه في انتقال شريف ورمضان إلى بيراميدز، وقد أكد الرجل مرارًا أنه لم يتدخل، وأنهما لم يستشيراه، وإن كنت أرى أن أيًّا من الجمهور المتعصب الغاضب من اللاعبَين لانتقالهما، لو أنه في مكان الكابتن إكرامي وأُخذَت مشورته، لنصح بانتهاز الفرصة والانتقال فورًا، خصوصًا أن اللاعب لن يتغرب، بل سيظل ببلده بين أهله مع الكسب المادي، فأمثال الكابتن إكرامي من لاعبي جيله عانوا كثيرًا في حياتهم ومات بعضهم مريضًا لا يجد ثمن علاجه، فهل نفعه الانتماء؟ ولو خُيِّر أحدهم وقت نجوميته بين المال والانتماء، يا ترى ماذا كان سيختار؟
آخر الكلام
استثمار اللاعب لموهبته للحصول على أعلى عائد مادي هو الذكاء بعينه، أما التمسك بالانتماء والخوف من غضب الجمهور والعاطفة المتخلفة البلهاء فهذا هو الدرك الأسفل من الغباء.
التعليقات مغلقة.