موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

بين الكبريـاء و الابتـلاء ” إشكالية الإبداع في الوجـود والاغـتـراب” نقد وتحليل أسـامــة نــور لقصيدة “شاعر القمح ” للشاعر د. جمال مرسي

142

بين الكبريـاء و الابتـلاء ” إشكالية الإبداع في الوجـود والاغـتـراب” نقد وتحليل أسـامــة نــور لقصيدة “شاعر القمح ” للشاعر د. جمال مرسي


“شاعر القمح”
شعر : د. جمال مرسي


أنا المُبتَلَى بِالقَصِيدَةْ .
فَهَل مِن مُدَاوٍ لِمِثلِ ابتِلائِي ؟
و هَل مِن طَبِيبٍ يُخَلِّصُنِي مِن عَنَائِي و دَائِي ؟
و هل يَعلَمُ النَّاقِمُونَ
بأنِّي سَكَبتُ المَشَاعِرَ
لا لأُتاجِرَ
لا ، أو أُرائِي .
و لا بِعتُ شِعرِي بِبَخسٍ لأُرضِيَ ذا صَولَجَانٍ
و لا فِي المَراقِصِ عَلَّقتُ صَوتَ قَصِيدِيَ
فَوقَ حَنَاجِرِ أَهلِ البِغاءِ .
و مَا كُنتُ أَسعَى إِلى شُهرَةٍ
تَرفَعُ اسميَ فَوقَ رُؤُوسِ البَرَايَا
و تَنقُشُهُ فَوقَ نَجمِ السَّماءِ .
فَلِمْ تَقطَعُونَ وَرِيدَ حُروفي ؟
و لِمْ تَركُضُونَ وَرَائِي ؟
و مَا كُنتُ غيرَ امرِئٍ مُبتَلىً بالقصيدةْ .
أُفَتِّشُ في بَحرِهَا عَن مَعَانٍ جَدِيدَةْ .
و أرسُمُهَا وَطَناً ـ لا حُدودَ لَهُ ـ
أو خَريِدَةْ .
و أجعَلُهَا شَوكَةً في حُلُوقِ المُغَاليِنَ
أو جَمرَةً في جُفُونِ المُرائي .
أَنَا شَاعِرٌ يَزرَعُ القَمحَ ،
قَمحَ البَشَائِرِ
يَروِيهِ مَاءَ المَشَاعِرِ
فِي تُربَةِ الفُقَراءِ
فَتَنمُو سَنَابِلُهُ فِي القُلُوبِ
و تَنثُرُ فِي ذا الفَضَاءِ طُيُوبِي
و تَبعَثُ فِي النَّفسِ مَيْتَ الرَّجاءِ
أَنَا شَاعِرٌ
صَدقَ الشِّعرَ وَعدا
أَخَذتُ عَلَى عَاتِقِي أَن أَكُونَ
لِرَوضِ القَصَائدِ وَرداً و وِردا
فَيَجرِي لِوديَانِهَا عَذبُ مَائِي .
و لَم يَخلَعِ الشِّعرُ فَوقِيَ
أَردِيَةً مِن ثَرَاءِ
فَلِم تَقطَعُونَ وريدَ حُرُوفِي ؟
و لِمْ تَركضُونَ وَرَائِي ؟
خُذُوا كُلَّ هَذِي الدَّوَاوِينِ عَنِّي
خُذُوا كُلَّ فَنِّي
خُذُوا قَلَمِي ، وَرَقِي ،
هَذِه الكُتْبَ نبعَ العطاءِ
خُذُوا ما تَشَاؤونَ مِنِّي
و لَن تَستَطِيعُوا سَبِيِلاً إِلَى كِبرِيَائِي
أنَا شَاعِرُ القَمحِ رَغمَ الخَنَاجِرِ
تَطعَنُنِي مِن وَرَائِي
سَأَبقَى كَسُنبُلَةٍ جِذرُهَا فِي الرَّمَادِ
و حَبَّاتُهَا فِي السَّمَاءِ.

النقد و التحليل لأسامة نور

مقدمة :-


إن الشعر تعبير عن الذات، بكل ما تحمله من مشاعروَ هموم ،وتأثير الواقع على هذه الذات . ومحاولة الشاعر إظهار الواقع ونقله وتصويره ؛ ليوضح لناما كان مبهمًا و يحذر مما يراه
سيئًا، ويدعم الجميل الحسن ، فالشاعر منارة المجتمع، فيلسوف ينظر و يتأمل. غير أنه يفوق
الفيلسوف في القدرة على صياغة ذلك شعرًا تأنس له النفس ،وتسعد به الروح ، يحرك الذهن
ويأسر القلب.
وكلما أستطاع الشاعر التعبير ببلاغة عن مشاعره ووجدانه ، بما يتراءى له من شكل شعري
شريطة إن يمتلك آليات الإبداع في هذا الشكل الشعري ، حقق الشاعر الإبداع والإمتاع .
من أهم صفات الشاعر الكبرياء وهو الاعتزاز بالنفس ،ورفعتها وإعلاؤها. وبهذا يكون
الصراع والتمرد على الواقع، ورفض ما فيه من ظلم وقهر ،وغياب للقيم ، وإقصاء للفكر والإبداع، فالشاعر يعبر عن الصدام بين الكبرياء ، وأبتلاء الواقع بخيره وشره ،وإن زاد شره
كان الصراع أشد وأطغى ،
لذلك نجد شاعرنا د. جمال مرسي يعبر عن حال المبدع بين الوجود النفسي الملائم ،الذي يحاول أن يدعمه الإبداع ، وبين الاغتراب السلبي والتمرد على الواقع ورفضه ومحاولة تغييره،
والتعبير عن حالة الاغتراب ،لكنه هنا لا يستسلم له بل يأخذه دافعًا للإبداع والتغيير ،
إن شاعرنا يستخدم الجانب الإيجابي للاغتراب وهو الإبداع والنظرة العميقة وفلسفة الأشياء
ويعد الفيلسوف الألماني ” فردريك هيجل ” أول مَن استخدم وفسر “الاغتراب في كتابه
“علم ظواهر الروح” ..



في العنوان” شاعر القمح ” فلسفة الرمز “


العنوان مؤشر للنص ومدخل لدراسته فهو يعد تلخيصًا له وإشارة لما في النص من أفكار ومشاعر ، لهذا فإن العنوان ” شاعر القمح ” يعبر عن مزيج من الواقعية والرمزية ،كماأن له دلالات متعددة ، لكنه يبقى دالًا على الخير والخصوبة ،والنماء ،فهناك من يراه دالًا على خصوبة التربة و زراعة القمح وقيمتة في الحياة ، وقد يكون دالًا على خصوبة المشاعر والأفكار والنفس البشرية ، رغم ما تواجهه من متاعب ، واختلاف المعايير وآلام الحياة .
وبهذا فإن العنوان محرك لقراءة النص ، يثير دافعية المتلقي لمعرفة ماهيته و فلسفته.


من حيث الشكل والموسيقي” المتقارب والتقارب “


اتخذ الشاعر الشعر الحر( شعر التفعيلة ) للتعبير عن مشاعره وإبداعه فهو يحافظ على الوزن باستخدام تفعيلة البحر المتقارب” فعولن ” ويختلف تكرار التفعيلة من سطر إلى آخر
فهو يحافظ على الوزن دون التقيد بالقافية وحرف الرَّوي. غير أنه تكرر بشكل متقطع غير منتظم في بعض الجمل …مثل (ابتلائي …دائي) ،..(.بالقصيدةْ ….جديدةْ)
وبهذا تظهر الموسيقى الخارجية في الوزن ، والإيقاع الموسيقي المنتظم الذي يتجاوب مع الحالة الشعورية والنفسية . والتقارب والتداخل اللفظي
فيقول الشاعر:-
أنا المبتلى بالقصيدة
فعولن فعولن فعولن
فهل من مداوٍ لمثل ابتلائي ؟
فعولن فعولن فعولن فعولن
وقد وُفق الشاعر في اختيار تفعيلته ؛لأنها تتفق مع الجو النفسي المشحون بالغضب والتعجب والحيرة ، والتساول، وهكذا يطوع الشاعر موسيقاه للتعبير عن مشاعره ،
و فيظهر التناغم الصوتي والموسيقى واتساق ذلك مع الحالة النفسية.والشعورية
والوزن من آليات شعر التفعيلة لكنه ليس كلها فدوره إظهار المضمون بمشاعره وأفكاره
بشكل جمالي مؤثر.كما حدث في قصيدتنا هذه..
كذلك تظهر الموسيقى الداخلية من خلال المترادفات ، والجناس مثل عنائي ..دائي و وَردًا و وِردا، واستخدام الجمل المتناسقة 



من حيث المضمون ” امتزاج الفكر بالعاطفة “


فشاعرنا يعبر عن المبدع الشاعر الذي منحه الله الموهبة والشعر ، ولكن تلك الموهبة
أصبحت عناءً ، وألمًا ؛ لأنه يبكي من الداخل، وتتألم ذاته ، يحافظ على كبريائه و سمو فنه
ولكنه يرى واقعًا داميًا ، يهدر دم الشعر والشعراء والفكر والإبداع ، ويعلى رايات الحماقة
والسخافة والا إبداع …
فيقول:-
أنا المبتلى بالقصيدةْ
فهل من دواء لمثل ابتلائي ؟
وكأنها صرخة مدوية في بداية النص ” فهو نص موجز ” يكفي للتعبير عن الحالة وبيانها
ثم السؤال الذي يدل على التحير والألم ، مما يثير الذهن ، ويحرك العاطفة .
ثم يعبر عن حالة الرفض رفض المتاجرة بالشعر ، يعبر عن الكبرياء في قوله
وهل يعلم الناقمون
بأني سكبت المشاعرَ
لا لأتاجر َ
لا او أرائي
إنه الكبرياء ، وسمو الإبداع وسمو الهدف
ويكمل شاعرنا:-
ولا بعت شعري ببخس لأرضيَ ذا صولجانِ
ولا في المراقص علقت صوتَ قصيديَ
فوق حناجر أهل البغاءْ
هو الحفاظ على القيم والفضائل ، الثبات على المبدأ ، رفض التحايل والمكاسب غير المشروعة
فالشعر عنده إبداع ورسالة وهدف ، تصحيح وإصلاح ، قمح الذات الذي يعذيها ويسمو بها ويرقى ..فيقول :-
أنا شاعرٌ يزرع القمحَ،
قمح البشائر
يرويه ماءَ المشاعرِ
في تربة الفقراءِ
فتنمو سنابله في القلوبِ
وتنثر في ذا الفضاء طيوبي
صورة كلية فيها مشهدية ، نقل الذات والمشاعر إلى الواقع ، تشكيل درامي فيه حركة ديناميكية ، وتناغم صوتي وامتزاج العاطفة بالفكر والخيال .
فيحدث بذلك تماسًا مع الآخر . ممن خلال التعبير عن الخاص والانتقال إلى العام ،
ويعلن الشاعر في نهاية قصيدته أنه متمسك بكبريائه وعزة نفسه.
فيقول:-
ولن تستطيعوا سبيلًا إلى كبريأئي
أنا شاعر القمح رغم الخناجرِ
تطعنني من ورائي
سأبقى كسنبلةٍ جذرها في الرمادِ
وحباتها في السماءِ
يوكد الشاعر على كبريائه ، وانه ينشر فنه وإبداعه، رغم كل الصعاب والمتاعب .

استخدم الشاعر المفردات السلسه القريبة من الواقع لتظهر فكره ومشاعره ،

من حيث الأساليب والصور البلاغية :-


استخدم الشاعر الأساليب الخبرية ،والإنشائية ؛ وذلك لإظهار فكرته ومضمونه وإيصالهما للمتلقي ،فالخبرية التقريرية مثل انا المبتلى بالقصيدة وما تشعر به من ألم وحزن
واستخدام الضمير انا ” الذي يفيد التخصيص والتأكيد ،وكذلك بأني سكبت المشاعر .
والإنشائية الإستفهامية التي تثير الذهن وتحرك الفكر ، وتظهر نفسية الشاعر وما بها من حيرة وألم.وقد أكثر الشاعر منها في قصيدته مثل فهل من مداوٍ لمثل ابتلائي ؟
وفي قوله فلم تقطعون وريد حروفي ؟! وفي ولم تركضون ورائي ..تساؤلات متتابعة
تدل على التحير والشكوى.. والأمر وتكراره في/ خذوا كل هذه الدواوين عني /خذوا كل فني / خذوا قلمي ..ورقي/ الأمر الذي يعكس التألم والمرارة ..ويظهر السخرية ..
لتنتهي القصيدة بأسلوب خبري فيه تأكيد وتصميم على الصمود والتحدي ، على “أنه شاعر القمح ” يملأ الدنيا بفنه ، يغذي الروح ،وينشر الفضيلة .
كما أبدع الشاعر في الصور البلاغية التي جاءت جزئية وكلية ، فالصورة تعكس الحالة
وتوضحها ، وتؤججها ، فكان الصور مبتكرة تخدم الحالة والجو النفسي .
مثل :- سكبت المشاعر .،علقت صوت قصيدي ،وتنقشه فوق نجوم السماء ، والصورة الكلية
الرائعة في:-
أنا شاعر يزرع القمحَ
قمح البشائرِ
يرويه ماء المشاعرِ
في تربة الفقراء
فتنمو سنابله في القلوبِ
وتنثر في ذا الفضاء طيوبي
صورة كلية ،فيها تداخل وبها مشهدية عالية ، ورمزية شفافة . فالقمح رمز بالخير النماء والخصوبة ، وأستخدمه الشاعر الشاعر للتعبير عن خصوبة الذات والروح ، عن الخير والقيمة
عن الفضائل التي يسعى الشاعر إلى نشرها .
ثم في نهاية النص …سأبقى كسنبلة جذرها في الرمادِ
وحباتها في السماءِ
صورة رائعة أستخدم ” البعد المكاني ” والرماد دليلا على الألم والصعاب والمعاناة
والسماء كرمز للعلو والارتفاع ، وتجاوز ذلك الواقع المؤلم ؛ لتكون تلك الصورةختام رائعة
للنص ، ومن هنا كان للصورة دورها ، والشاعر لدية قدرة على التصوير بما يملكه فن فنيات
وخيال وآليات .


الحركة وأبعاد الصوت ، واللون والضوء


النص فيه حركة وديناميكية ، تجعل المتلقي يتفاعل مع الجمل ،فتؤثر فيه ، وترتبط بذهنه
وفيتماس معها ، وهذا يدل على الإبداع ونجاح النص ، فنجد الشاعر اعتمد على عنصر الحركة داخل النص سواء الحركة والصراع الداخلي ، او الحركة والمؤثرات الخارجية ..
لذلك استخدم الشاعر الفعل المضارع كثيرًا ليدل على الحركة والتجدد والاستمرار مثل ترفع اسمي وتنقشه،تقطعون ،تركضون،أفتشُ، أرسمُ، يرويه،يرويه ، يجري ،ا لفعل الأمر خذوا ،
كلها تدل علي الحركة ، والتفاعل ،
كذلك استخدم الشاعر لأظهار ذلك الصوت، واللون والضوء . كمؤثرات خفية ، لكن الحركة هي
العنصر الأبرز داخل النص ،
.. والنص بما يحويه من” حركة وتناغم صوتي ” جعل المتلقي يتماس معة ويتفاعل

كما نجح في إظهار الحالة والرؤية ، والتعبير عن العاطفة ، ومزجها بالفكر ….مماأدى إلى الإبداع والإمتاع ،

ورغم كل هذا الجمال داخل النص ، وما يبعثه في النفس من مشاعر وما يثيره في الذهن من أفكار لكن هناك ما أراه -من وجهة نظري- لا يتجاوب مع الجمال والإمتاع في النص :-
** جملة ” لا أو أرائي ” بعد لا لأتاجر لم تخدم سياق النص وهي تكرار في المعني فعدم المتاجرة بالشعر كافية لفهم ترفع الشاعر مكانة الشعر لديه

جملة ” قمح البشائر ” بعد” أنا شاعر القمح ” تفيد التوضيح والتفصيل ، وقمح بدل فأعطت المعنى مباشرًا للمتلقي وحددت المقصد ، فخفتَ جمال الرمز وما يبعثه من تفكير وتخيل وتعدد الدلالات ،

**الإبداع هو إن تأتي بما لا يستطيعه الآخرون ، و أن تملك آلياته والتعامل معها بمهارة وسلاسة .
أن تؤثر في وجدان المتلقي ، وتثير ذهنه وفكره ، باستخدام التلميح والابتعاد عن المباشرة والتصريح ، أن يحقق الإمتاع ، ويمزج بين العاطفة والخيال ،

وهذا ما نجده في نص ” شاعر القمح ” لشاعرنا د. جمال مرسي


تحياتي …. أســامـة نـــور

التعليقات مغلقة.