بين الليبرالية والايديولوجية والدين بقلم د.أحمد دبيان
بين الليبرالية والايديولوجية والدين بقلم د.أحمد دبيان
بالأمس وبعد أن نشرت رثائى وفخرى بالبطل المصرى محمد صلاح دخل أحدهم من مدعى الليبرالية الخزعبلية واليسار البرتقالى الملون متهكما ومدعيا الشعور بالصدمة معلقا أنه كان متوجسا من كونى متدينا !!!!
وأن التدين فى نظره يناقض الليبرالية والإشتراكية والتحرر الفكرى وقبول الآخر.
لا أدرى حقا ما هذا الكم من السطحية والمراهقة والقئ الفكرى الذى صار إليه من يزعمون أنهم ليبراليون وهم من صاروا يعتقدون أنهم حملة مشاعل التنوير والنهضة فى موروثنا العربى المتخلف بنظرهم .
ولا أدرى ما التناقض بين كونى متدينا وأحمل فى الوقت ذاته أفكارا عن الإشتراكية والعدل الإجتماعي وفى الوقت ذاته لا زالت بوصلتى لم تحد ولم تته أبدا عن قبلتها فى فلسطين السليبة والعدو الأزلى الغاصب الأوحد .
أنا أشك إذا فأنا موجود.
القاعدة الأهم فى محاولة الوصول إلى الحقيقة واليقين .
وقد سبق الإمام جعفر الصادق ديكارت فى هذا حين جاءه رجل مذعورا يخاطبه :
هلكت يا ابن بنت رسول الله
فهدأ الإمام من روعه متسائلا عما حدث .
ليجيبه الرجل : إنى شككت بوجود الله .
فيجيبه الإمام باسما
الله أكبر .
هذا أول اليقين .
فالله الذى عرفته وعبدته من قبل كان صنيعة خيالك وأوهامك ، كان صنماً صنعته أنت ، ليكون آلة بيدك تستخدمها لصالحك .
الآن شككت بذلك وحطمت ذلك الصنم ، وقد بقى عليك أن تواصل طريق اليقين.
التدين فى جوهره لا يناقض الليبرالية الحقيقية وقيمها عن المساواة والحرية ولا يناقض أبدا قيم الإشتراكية بل إن التدين فى جوهره وروحه الحقيقين جاء من أجل إرساء قيم العدل والحرية والمساواه وقبول الآخر .
معضلة الليبراليين واليسار المحدثين أنهم محسوبين على تيارات لا يفهمون كنه أيديولوجيتها الحقيقى .
وفى الوقت ذاته هم فارغون فى خواء فكرى عقيم بقشور ثقافة أصابتهم فعليا بعنة فكرية وفراغ أيديولوجى وأناركية وفوضوية فكرية متفاقمة.
الليبرالى أو الإشتراكى يؤمن بالمساواه والحرية ولكنه أبدا لا يتوه عن العدو التاريخى .
سارتر أبو الفلسفة الوجودية كان يساريا ولكنه لم يحد أبدا عن النازى حين احتل أرضه وشارك مقاوما فى المقاومة الفرنسية.
الإلحاد العربى والليبرالية العربية واليسار الجديد صار فعليا مراهقة وضراط فكرى يحيل حامله إلى زومبى تائة ولم يحد لينين عن الحقيقة حين وصفهم فعليا وبدقه فى كتابه مرض اليسارية الطفولى .
فيرى الزعيم البلشفي فلاديمير لينين أن أصحاب الإتجاهات اليسارية المتطرفة بين الثوار لا يقلون خطرا على الثورة من ممثلي القوى اليمينية وأصحاب الاتجاهات الانهزامية.
ويقول أيضا في كتابه (مرض اليسارية الطفولي) إن “كل مهمة اليساريين هي أن يكونوا قادرين على إقناع الفئات المتأخرة. قادرين على العمل بينها لا أن يضعوا بينهم وبينها سياجا من الشعارات الصبيانية اليسارية المخترعة”
تحول اليسار والليبراليين الجدد إلى هذا الخواء الأيديولوجى المتصهين يظل مراهقة أناركية لا تقيم فكرا وتعجز فعليا عن صنع أى تغيير.
وتظل البوصلة فى وجود عدو تاريخى وجودى لا تستقيم إبرتها إلا عبر فوهة بندقية حتى ولو كانت كلاشينكوف بورسعيد قديم .
رحم الله شهداء الفكر وصدقوا ، ومن اعتصروا الزناد.
التعليقات مغلقة.