موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

تجديفٌ على البر… بقلم عاشور زكي وهبة

134

تجديفٌ على البر…

بقلم عاشور زكي وهبة

تجديفٌ على البر
(قصة قصيرة)

يجلسُ شابٌّ في منتصف عقده الثالث على رصيف محطّة السكّة الحديديّة بمدينته الصعيديّة ينتظر قطارًا، يستقلّه متجهًا أقصى الشمال حيث تقع كتيبته التي قضى بها عام خدمته العسكريّة في سلاح البحريّة؛ مع أنّه كما يقول عن نفسه ساخرًا:” أغرقُ في شبر ماء! “.
يعود بذاكرته إلى طفولته المبكّرة اليتيمة في كنف أمّ هيّابةٍ، تخشى على آخر عنقودها من المسحور.. مسحور النهر.. ذلك الإنسيّ الذي عشقته إحدى جنيّات النهر، فاختطفته أثناء سباحته وتزوّجته، وعاشا سويًّا في القاع؛ ولم ينجبا إلّا إناثًا. فكان هَمُّ المسحور أنْ يأسرَ لهن أطفالًا ذكورًا يشردون سابحين في غواية النهر، أو يعومون متهيبين على شاطئيه…
وهكذا صدّقَ الأسطورة التي حكتْها له والدته مرارًا وتكرارًا حتى حفظها كسورة قرآنيّة عن ظهر قلب، وعمل بها كسنّة من سنن النبي! وخشي أن تكون نهايته عريسًا لإحدى الجنيّات الصغيرة.
وهكذا نمتْ بينه وبين النهر عداوةٌ كبرت وتضخّمت حتى صارتْ كجبل أُحُدٍ، مما جعله منذ الصغر يطبق المثل المأثور:” امشِ سنةً ولا تعبر قناةً! “.
وانطلقتْ صافرةُ قطار الشمال لتعيده إلى حاضره في بحر الحياة الجنوبي: خرّيجٌ جامعيٌّ حديثٌ ينتظرُ طوقَ نجاةٍ من مديريّة القوى العاملة كي لا يغرق في خضم البطالة المريدة العتيدة.
لكنّه ما أن حصل على شهادته الجامعيّة حتّى تلقفه مكتب التجنيد في محافطته الصعيديّة التي تصطلي بنار شمس أكتوبر!
انحشر وسط أقرانه بملابسهم الملكيّة المُلتصِقة على جلودهم من آثار العرق الغزير أسفل مظلّة لا تجدي ولا تمنع القيظ، يتنصّتون إلى الشاويش (زاخر) ينادي على أسماء المرشحين للأسلحة المختلفة.
بدأ بالمُلحَقين إلى البحريّة ليدقّ قلب صاحبنا كقرع طبل أهوج في يد زنجيّ مهووس، إذ كان كلّ اسم منطلق كرصاصة قاتلة في الصدر. ووقع المكتوبُ والمحظورُ، وقذف الشاويش اسمه ولقبه المذكور في الكشف الموعود!
يرفع الشابّ يديه مُعترضًا كمن ألقوه في قاع جُبّ سحيق:” يا بركة دُعاكِ يا أمّي! يا باشا أنا ما أعرفشي أعوم في ترعة! إزاي أغوص في بحر؟!”
زجره الشاويش مُعنّفًا:” انتباه يا عسكري يا…! اسمع وطاوع الأمر! وبعدين البحرية سلاح الكعب العالي. يعوز واسطة لدخوله يا عسكري!
احمد ربك ما تبقاش وش فقر.. كلّها سنة يا ولد تقضيها صيف وشتا ع البحر!
باين عليك خايف من عرايس البحر ههههه!….
وقطعت قهقهاتِ الشاويش الساخرة زمجرةُ صافرة القطار معلنةً دخوله إلى رصيف محطة محافظة الثغر، باسمة الثغر، عروس البحر الأبيض المتوسط.
انطلق صاحبنا إلى المنطقة العسكرية البحرية، واستلم شهادته بدرجة فائقة:” قدوة حسنة مع جزيل الشكر”!
وعاد إلى والدته منتشيًّا كمن عبر (المانش) دون أن يبتل له إزارٌ أو طرفٌ كالعجل في بطن أمِّه دون أن يخطفه مسحور النهر، ولا تأسره عروس البحر!

    ( تمّتْ بحمد الله) 
 الأحد 19/6/2022

التعليقات مغلقة.