موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

تحت ضوء الشمس قلم مهاب حسين

384

تحت ضوء الشمس قلم مهاب حسين

كان الليل لم يبدأ بعد انتشاره السريع، حين وقف أمامي بوجهه الشمعي وشملته الحمراء، وقفازه البني.
لم تكن المرة الأولى التي يظهر لي فيها!.
كانت هيئته تخيفني في بادئ الأمر، حتى اعتدت عليها.

  • “لكل بني آدم قرين تحت الأرض”.
    قالها أحد العارفين.
    تساءلت:
  • ملاك أم شيطان؟، وبما توحي هيئته؟.

استقبلني الشيخ في بشاشة، وأجلسني على يمينه، وترك المسبحة تتدلى من يسراه، تلألأت تحت ضوء القناديل المحدقة في صمت:

  • كف عن الشر إن كنت من أهله.. وإقرأ آية الكرسي قبل أن تنام والمعوذتين..
    ثم وهو يهم بالمغادرة:
  • هل ترى أشكالا غريبة في أحلامك؟..
  • لم يتبق على ميدان العتبة الكثير، ولم يتبق لي جلد، كي أخترق شارع الفجالة المزدحم. ضجيج المحال وضوضاء الناس كانت تلسعني، وتخمش وجهي، وتستقر في جمجمتي، فأنز عرقا حتى أفلح في شراء حاجات الأولاد. وأنا أعطي البائع قطعة النقود الورقية، استشعرت بأنفاسه اللزجة من خلفي، التفت.. وجدته يستقبلني بابتسامته المعهودة.. سرعان ما تأبطني، ولم يعطني الفرصة كي أسترد الباقي.
  • كنا سويا ننظر في صفحة النيل. كانت عيناه لامعة، ووجهه يتطاول بصورة مخيفة، كأن يد مهولة خفية تضغط على عظمتي الفك، وتعبث بملامحه. لم أسأله السبب، ولم أتلق جوابا.. لكن الغناء المنبعث من إحدى البواخر النيلية، كان شجيا للدرجة أنني لم أشعر برحيله!.
  • كتل كثيفة من الدخان تحجز الهواء عن رئتيك، إقلع عن التدخين وإلا…
    قالها الطبيب في حزم..
    وقالت زوجتي:
  • على الأقل توفر النقود.. والصحة.
    وضغطت ومطت حروف الكلمة الأخيرة، فأدرت وجهي مثبتا بصري على أشعة بيضاء تتسرب من شيش النافذة المغلق، وتندلق على أرضية الغرفة!.
  • ألفيته يجاورني وأنا أصلي في الجامع الكبير. كان يقرأ معي الفاتحة في خشوع. لحيته الكثة البيضاء تتدلى حتى تكاد تلامس الأرض.
    نظرت حولي للمصلين، ونظرت للإمام،
    لم يشعر أحد بوجوده غيري!. خرجت من الصلاة وتقوقعت على الأرض في أخر المسجد، دافنا وجهي بين ركبتي، حتى أيقظتني يد خشنة، ونبرة آمرة:
  • سنغلق المكان.
  • أخوك إبراهيم بعث بخطاب، سيأتي بعد شهر”.
    قالتها زوجتي في عجالة وهي تغلق باب الشقة.
    ومن قبلها قالها “إبراهيم”وهو على أبواب الرحيل:
  • “بلاد النفط” مناط الحلم، نهاية المطاف، لن أعود إلا إذا…
    بريق عينيه الجاف-حينذاك- لم يبرح مخيلتي. وشيء ما لا أدريه.. لم يستطع طوال تلك السنوات قهر غيابه.
  • أمك تموت.. عُد في الحال

    – أبوك يحتضر.. عُد في الحال
  • الليل قارس، والبرد عارم، عُد الآن أو لا تعد على الإطلاق…
  • السرادق مهيب بمصابيحه المدلاة، وكراسيه المرصوصة كالأصنام. أقف على مدخل الصوان كحارس ما. أياد المعزين تشدّ على يدي، لا أميز يدا. الأعناق تتوالى، كلمات الرثاء الممجوجة تتراكم. زخم الأنفاس يكاد يخنقني.
    عيناي محملقتان في اللاشيء. رائحة البن، وقماش الخيام المزركش والناس.. يزيدون من غربتي. لمحتُه جالسا من بعيد، ينتحب في تصنع. رفع يده، تجاهلته.
    بعد دقائق، انصرف.. فيما كان المقرئ مسترسلا في التلاوة.
  • إبراهيم عاد.. “هناك.. لم يعد كما كان”. رحب بنا.. شقة رحيبة، مزدانة بالتحف والتماثيل والأضواء.. وعينان متخمتان بالشبع، منطفئتان. شعره الأبيض يعلن على الملأ قسوة الغربة. يداه غريبتان عن يدي، أهداني قارورة عطر لها رائحة متلصصة.
    وضعنا الحقائب في الشقة، وغادرنا الحي الراقي، القابع على أطراف المدينة، وجلسنا في إحدى الفنادق المطلة على النيل:
    -كيف الحال؟.
    قالها، وقرب وجهه مني، فضايقتني أنفاسه.
  • أشكو من كل شيء.

وملت بالكرسي إلى الوراء، ورويت له قصتي مع “الأخر”، فحدق في بلاهة. وأجابني وهو يغادر بهو الفندق ذو الأبواب المتداخلة المصطكة في عنف، بأنه طالما رأه في الخليج، بل ومكث معه أوقاتا طويلة، ونصحني بقوله:

  • صادقه أفضل من أن تخسره!.
  • اعتدت عليه ولم أعد أخشاه. بل صار مالوفا لدي. نمضي أغلب أوقاتنا سويا، نتناول الإفطار معا، وأحيانا العشاء. بدأ يخطط لحياتي، يناقشني في أولوياتي، يقترح بدائلا جديدة، مبهرة.
    صرت أستعين به في أدق تفاصيلي. وشئيا فشيئا بات يملي علي حلوله.
  • إبراهيم يعيش بعد عملية جراحية بثلاثة شرايين جديدة.
    زوجتي تلح علي كي يقيم “الأخر” معنا، وابني الصغير يحتج.
    النيل لم يعد يبعث في داخلي الشجن، ولا ميدان العتبة يبعث الكآبة.

-“لم يعد باقيا سوى التوثيق”.

قالها إبراهيم- لي- ناصحا، وهو يحزم حقائبه عائدا.
والشيخ قالها منذ زمن:

  • هل أنت من أهل الشر؟.
    وأمي قالتها قبل أن تموت:
  • البطران يجد القطران.
  • نمضي سويا بوجوهنا الشمعية، وقفازاتنا البنية.. تحت ضوء الشمس!.

التعليقات مغلقة.