تربية ميري..بقلم أسماء البيطار
تربية ميري ” حكومي ”
بـقلم أسـمـاء الـبـيـطـار
من يوم ما وعيت على الدُنيا معرفش حاجة إسمها خاص لا مدرسة و لا مستشفى و لا شركة كل القطاعات في بلدنا حكومي ما عدا مدرسة خاصة كان أسمها الأسكوفية و طاقم مُدرسيها من الإنجليز و كانت قلة قليلة من يدخلها أو من يقبلوه بها لشروطها الصارمة .
المهم أنا بنت الحكومة من ساعة ما دخلت المدرسة إلى أن تخرجت من الجامعة .
في الأبتدائي كنت مُجتهدة و متفوقة كنت بطلع من الأوائل أفتكر نظام المدرسة عندنا كل أخر شهر و بعد أداء الأمتحانات الشهرية يخرج من كل صف عشر أوائل يعني تخيل لو خمس صفوف في المرحلة بيطلع خمسين طالب مُجتهد من كل مرحلة .
و هنرجع للحته دي تاني خليها في بالكم .
و كانت التكريمات بسيطة جداً جداً يعني قلم قيم ،، مسطرة ،، كشكول عليه رسمه جميلة ،، مقلمة حاجات بسيطة بس كنا بنبقي طايرين بيها من الفرح .
على فكرة ما كنتش بستخدمهم كنت بحتفظ بيهم كأي شئ قيم .
و ما كنتش باخد دروس خصوصية على فكرة حبيت مره أعمل زي زميلاتي و أروح درس بابا الله يرحمه خدني وداني عند مدرس صاحبه بعد اربع حصص المدرس قال لبابا تعالي يا عم محمد خد بنتك مش محتاجة درس .
و دا كان جيلنا ما كنش حد بيروح درس إلا الطالب الضعيف و محتاج فعلاً مساعدة و تدخل خارجي .
و دا كان طبع المدرسين عندنا ما كنش حد فيهم بيقبل غير الطالب الضعيف .
ندخل بقى في موضوعنا كـ العادة .
لما كنت برة كان ولادي ما شاء الله لا قوة إلا بالله من المتفوقين
و على فكرة كل القطاعات الرئيسية هناك حكومية زي ما كان عندنا
يعني مدرسة مستشفى و حاجة كده تفوق الخاص و بردوا سبحان الله ما كنش فيه دروس خصوصية !!
المهم كان ولادي بيتكرموا حتى لو تفوقوا في مادة واحدة و كنت بذهب و بحضر التكريم أنا أو باباهم بدعوة رسمي من المدرسة .
و بعد أن استقريت في القاهرة منذ حوالي خمس سنوات دخل أولادي مدارس خاص عربي و لكن الحمد لله ظلوا بتفوقهم .
و دي نقطة كان ناس كتير مخوفانا منها إن تعليم بره غير هنا و هتلاقي مستوى الولاد قل و هيحتاجوا دروس تقوية و كلام كتير بصراحة سمعناه من هنا و خرج من هنا و الحمد لله الدُنيا مشيت .
و إلى الصف الثاني الثانوي ولادي ظلوا بمجهودهم الذاتي و طبعاً بباهم كان معاهم أول بأول في أي حاجة بتقف معاهم خصوصًا إنهم في المجال العلمي و أنا كنت أدبي .
و بعد عام من استقرارهم في الدراسة تفاجأت بـ أبني الصغير كان في أول إعدادي وقتها كنا في السيارة و جت سيرة المدرسة و لقيته بيقولي على فكرة يا ماما أنا هاخد الشهادة و هسافر على اليابان ؟؟!!
استغربت جداً من كلمة الولد لأني راجعة بيه صغير ما لحقش يستوعب أيام الغربة .
لكن لما قعدت معاه و أستفهمت منه و قولتله لما أنت متفوق و بتقول كده يا حبيبي نسيب البلد لمين ؟!
رد بسخرية كلها حزن .. قالي متفوق ؟!
دا أنا محدش بيعبرني في المدرسة بورقة فاضية حتى ؟!
بصراحة زعلت جدا جدا على نفسية الولد بس ما بينتش علشان ما ياخذش الموضوع على نفسيته اكتر من كده .
و في أول إجتماع لأولياء الأمور
ذهبت إلى المدرسة و كان لموضوع آخر تماماً و بعد أن فرغوا من الموضوع الأساسي .
طلبت التحدث في وسط الإجتماع المهم بكل هدوء قولت لحضرتهم عاوزة اعرف ازاي طالب جايب فوق 98% و ما يتكرمش حتى وسط الصف و لو بكلمة تشجيع ؟!
ازاي طالب بالمستوى ده ما يبقاش في صف المتفوقين إلى الآن مع إن هذا الصف به أولاد أقل منه بكثير ؟!
طبعاً الكلام كان صدمة للجميع فرد بكل تعنت إداري من المدرسة
مين الطالب ده ؟!
قولتله أبني حضرتك .
فصمت و عاود و التعنت في الرد و قال الإدارة هي من فعلت
نظام صف المتفوقين .
فرددت عليه بهدوء و قلت خلاص هروح الإدارة و أشوف النظام ده أساسه ايه .
و من يستحق أن يكون به .
ساد الصمت المزعج على الوجوه .
فتحدثت لي إدارية بكل لطف على انفراد لكي تتدارك الأمر .
فتحدثت معها بكل صدق
أنا ولادي جايين من بره متفوقين بيتكرموا ديماً و لو في مادة واحدة
و مش بياخدوا دروس خصوصية فذُهلت بصراحة
بتتكلمي جد حضرتك ؟!
إذا كان كده يبقى فعلاً عند حضرتك حق .
و قد كان العام الماضي دخل أبني صف المتفوقين
أتكرم في الكثير من المجالات
الكثير من المدرسين بعد أن عرفوا إنه فعلاً لا يأخذ دروس خصوصية
راعوه أكثر و أكثر لأنه يستحق .
تحسنت نفسية الولد كثيراً و إجتهد أكثر كي يكون على مستوى مسؤولية ما فعلت من أجله .
بدء فعلاً نظرته تتغير بقى يتكلم في المستقبل هنا .
ماما أطلع إيه .
عاوز ابقى طيار ،، طيب مهندس ،، محاسب .
فكرة الغُربة حقيقي راحت من دماغه شوية بعد ما لاقي بعض من التقدير هنا في البلد الأم .
فهمتوني طبعاً .
فكرة البُعد و الهجرة مش من فراغ
و للأسف ما بيهاجرش إلا الناس اللي البلد محتاجاها .
محتاجين نراجع نفسنا في أبسط الأمور
محتاجين نشجع مش نهمل و نكسر .
علشان نطلع لقدام مش نرجع لورا .
طولت عليكم كـ العادة بس حقيقي الموضوع يستحق .
التعليقات مغلقة.