تعرف على البحر الذي ولفه محمود سامي البارودي
بقلم الشاعر الكبير /محمد المصيلحي عودة
بـــحـــــر الـبــارودي
نعرف جميعا أن الخليل بن أحمد الفراهيدي هو مكتشف ما نسميه بحور الشعر العربي التي كتب عليها السابقون شعرهم وساروا على ايقاعاتها منذ بدأت كتابة الشعر العربي ، وقد حصر تلك الايقاعات في ما أسماه بحور الشعر وعددها ستة عشر بحرا
ثم جاء تلميذه الأخفش فتدارك عليه تفعيلة جديدة أهملها الخليل وهي ( فاعلن ) التي بنى عليها بحرا أسماه المستدرك .. أو المتدارك .. أو المحدث
وقد حاول الكثيرون توليف تركيبات جديدة في شكل بحور جديدة .. ولكنهم لم يجدوا لها أصلا في الموروث القديم .. ولا قدموا نماذج نصية تدعم امكانية استعمالها ..
ثم جاءت الموشحات الأندلسية بتوليفات جديدة من التفعيلات مع نماذج كتابية عليها .. وساعد الغناء على تثبيتها وانتشارها في النصوص الغنائية
ثم جاءت جركة النهضة الأدبية في عصرنا الحديث بقيادة رب السيف والقلم .. الشاعر الرائد / محمود سامي البارودي الذي ولف تركيبة جديدة لم يستعملها أحد قبله وكتب عليها نصا كاملا بعنوان ( املأ القدح ) قال فيه
املأ القدح .. واعص من نصح
وارو غــلتي … بابـنة الـمـرح
ثم جاء أمير الشعراء أحمد شوقي فاستهواه الوزن فكتب عليه
مال واحتجب … وادعى الغضب
ليـت هـاجـري …. يعلن السـبب
عـتـبـه رضى …. لـيـتـه عـتـب
ووزنه .. فاعلن علن … فاعلن علن
ولم يستعمله أحد بعدهما ــ حسب علمي ــ حتى تجرأت وكتبت عليه هذا النص الذي بين أيدينا .. ثم كررت التجربة مرة أخرى بنص آخر بعنوان
( يعجب العجب ) .. وأطلقت على هذا الوزن (( بحر البارودي )) وهو كما سبق يقوم على تفعيلة ونصف (( فاعلن علن )) .. كما يمكن أن يكون على وزن ( فاعلاتنا ) ..
وهذا أحد النصين الذين كتبتهما على هذا الوزن الجديد
……..(( جــــاوز الـصــبــا ))……..
= = = = = = = = = = = = = =
شـــاء أو أبـــى ……. جــــاءه الــصَّـــبــا
قـــلــبيَ الـــذي ……. عــزَّ مــطــــلــــبــا
مــســه الـهـوى ……. بــات مــتـــعَــــبــا
لـيــلــه جــوى ……. صــبــحــه نـــبــــا
يـشـتـكي نـوى ……. ظــبـــيــة الـظــبـا
تــلــكـم الــتي ……. ســحــرهــا ســـبى
نــظــرة بــدت ……. تـحـمــل الــنـــبــا
خــلــتـها لـُـهى ……. وقــعـــهــا هَــــبــا
ســوف يـنـتـهي ……. بــيـــد قــد ربـــا
صــاح خــافـقي ……. لات مــهــــربـــا
لــيـت قــلـبَـهـا ……. لـيــس مُـعـــرَبــا
يـنــبــني لــنـا ……. فــيـــه مـخــتـــبى
لا يـــؤمُّــــه ……. غـــيــرُ مـجــتــبـى
كـي يــقــيــلـه ……. طــعـــنـة الـظِّــبــا
عـشـقـنـا قـضـا ……. أعـــيَ حُــسَّــــبــا
شـــاءه لـــنــا ……. مـــانــح الــهِـــبــا
أمـــره بــكــن ……. شــــــاء أو أبـــى
قـلــبُ عـاشــقٍ ……. جـــاوز الـصِّــبــا
ثم جاء الشاعر خالد الشيشيني بقصيدة رائعة على نفس البحر (( بحر البارودي))بعنوان :
فاتنُ القمر
غابَ واستَتَرْ
فَاتنُ القمرْ
نورُه اختفى
ما لَهُ أَثَرْ
منذُ……ليلةٍ
سَاقَهَا القَدَرْ
منذُ…. عادَنِي
سَارقُ النَّظرْ
ليتَهُ يَعِي
أنني بَشَرْ
فَاقَ قُدرَتِي
قَلبهُ الحجرْ
مُذ……رَأيتُهُ
صَبريَ انتَحَرْ
******
إنني…… بهِ
صائمٌ فَطَرْ
في سَمائهِ
عاشقُ السَّفرْ
لستُ طائراً
يَعرفُ الضَّجَرْ
عابرٌ…….له
مُنتهَى الخَطَرْ
******
من رحيقهِ
عِطريَ اعتذَرْ
يا….. لطيفهِ
سَاكنُ البَصَرْ
مَن يقولُ لِي
عَنهُ لو خَبَرْ
خافقي… به
هَامَ وانتظَرْ
لحظةً….. له
يضحكُ القَدرْ
أو بِصَيفِهِ
يَسقطُ المَطَرْ
والدعوة مفتوحة للتجربة .. والكتابة على هذا الوزن ( بحر البارودي )
محمد المصيلحي عودة
التعليقات مغلقة.