تميمة قصة لمحمد كسبه

تميمة قصة لمحمد كسبه

هل أنا أبله لهذه الدرجة ؟
ما زلت أضع تلك التميمة على جانبي الأيمن ، منذ ثلاث سنوات ، و لا أعلم ماذا كتب فيها ذلك الدجال ، حان الوقت لكي أفتحها و أقرا ما بها ، من باب العلم بالشيء ، و بمجرد أن أفتحها لابد أن ألقيها في النهر فمثل هذه الأعمال حرقها قد يؤذي لذلك من الأفضل القائها في النهر .
هل هذه التميمة غيرت حياتي للأفضل ؟
لا أدري
هل منعت عني شر أو أذى الناس ؟
لا أعلم
لكني على يقين بأن كل ما حدث من أمور سيئة كانت مقدرة و مكتوبة منذ قديم الأزل .
صحيح أنني في الفترة الماضية قبل أن أعلق تلك التميمة على جانبي الأيمن ، لم تكن الأمور جيدة بل إنني بالفعل أوشكت على الانتحار ، فكل المشاكل كانت معقدة جدا ، حتي أنني كنت أتحامل على نفسي في آداء أعمالي و كانت أعصاب ساقي مشدودة للغاية ، كنت أخطو على الأرض بصعوبة بالغة كأن قدمي مربوط بها أثقال من الحجارة أو معلق بها مارد من مردة الجن ، حتى أمور البيت و الزوجة و أبنائي كان التعامل معهم صعب جدا ، فكثيرا ما كنت أصرخ و أشتم و أسب لأتفه الأسباب .
على الرغم من اني غير مقتنع لا بالاعمال ولا بالسحر و لا حتي بتسليط الجن ، إلا أن صديقي الأستاذ عماد أقنعني بأن كل الأمور السيئة التي تحدث لي ماهي إلا حسد أو عمل سفلي و يجب أن يتم فك هذا العمل علي يد شيخ .
في يوم الخميس بعد العشاء ذهبت معه للشيخ صابر ، فنظر إلي و طلب مني قراءة الفاتحة ففعلت ، ثم طلب مني أنا أتمدد أمامه على الأرض ، ثم قرأ بعض آيات القرآن و كرر بعضها عدة مرات .
أنا على وعي تام بما يقرأ ؛ لكن ما هذه الرعشة التي أصابت جسدي و ما هذه الكلمات التى أرددها ، يدي اليمني تضرب ساقي الأيمن ولا أقدر على التحكم بها .
مازال الشيخ يقرأ و يكرر أخرج أيها الجني و إلا ستحرق بآيات الله و يقرأ .
لا أعلم كيف أن يدي اليمنى تركت ساقي و أنهالت بالضرب على صدري ، كيف لا يمكنني التحكم في يدي ، ما كل هذا الضرب المبرح المتكرر السريع .
ما زال الشيخ يقرأ و يكرر أخرج من جسده أيها الجني من إصبع قدمه الأيسر بدون أذي و إلا ستحرق بآيات الله و يقرأ ، فجأة يهدأ جسدي و تزول الرعشة و تكف يدي عن الضرب على صدري .

أخبارك إيه يا أستاذ عادل .

‏كويس الحمد لله يا شيخ .

‏ياراجل إنت ملبوس فيه حد عاملك عمل و مسلط عليك جن و كمان معمولك سحر .

‏أنا معمولي كل ده ليه .

‏حبايبك كتير يا عدوله ، إحنا الأول نخلصك من الجن المتسلط عليك و بعدين نفك لك السحر .

‏طب و بعدين أنا هعمل إيه

‏إنت الأول هتاخد الورقة دي و تحطها في ميه مع مسك و مية ورد و تستحم من المية خارج الحمام كل يوم لمدة اسبوع و تجمع المية و ترميها في النيل .
و تاخد الورقة دي و تحطها في ميه و تشرب منها لمدة اسبوع ، و أشوفك الخميس الجي .

‏تمام شكرا يا عم الشيخ .
فعلت ما أمرني به الشيخ و قابلته يوم الخميس التالي بعد العشاء .

مساء الخير يا شيخ .

‏أخبارك إيه يا عادل .

‏الحمد لله كويس ، بس أعصاب رجلي مشدودة جامد .

‏معلش إنت كنت ملبوس و جسمك هياخد شوية لحد ما يرجع لطبيعته ، يلا تعالي مدد على الأرض هنا قدامي .
ثم ظل يقرأ بعض آيات القرآن و يتمتم ببعض الكلمات التي لم أفهمها ، إلى أن انتهى من القراءة ، لكن في هذه المرة لم يحدث لي شيء .

‏كويس يا أستاذ عادل الأمور ماشية تمام .

‏يعني أنا كويس دلوقت .

‏لسه شويه يا راجل ، الصبر مطلوب ، إنت هتاخد الورقة دي و تحطها في مية و عليها ميه ورد و مسك أحمر و تستحم من الميه خارج الحمام كل يوم لمدة اسبوع و تجمع ميه الحمه و ترميها في النيل ، و أشوفك الخميس الجي .
فعلت ما أمرني به الشيخ و قابلته في الخميس التالي

مساء الخير يا شيخ .

‏أخبارك ٱيه يا عادل .

‏كويس الحمد لله .

‏تعالي مدد قدامي على الأرض .
و ظل يقرأ آيات من القرآن و يتمتم ببعض الكلمات التي لم أفهمها إلى أن انتهي.

قوم يا أستاذ عادل .

‏إيه الأخبار أنا كده كويس خلصت .

‏إنت كويس يا راجل بس الصبر مطلوب .

‏يعني إيه هعمل إيه .

‏بص يا سيدي إنت كل يوم قبل ما تنام هتقرا سورة الملك ١١ مرة كل يوم و يوم الجمعة بعد الأدان الأول هتكون مجهز البخور و تحط ال ٣ ورقات دول في البخور واحدة بعد واحدة يعني لما الأولى تتحرق تحط التانية و لما التانية تتحرق تحط التالتة و هتكون لابس جلابية بيضة و خلي المبخرة ما بين رجليك يعني دخان البخور يطلع من الجلابية من عند راسك ، و تحط الورقة دي في ميه عليها مسك أحمر و مية ورد و تستحم خارج الحمام و تجمع الميه و ترميها في النيل ، و أقابلك الجمعة الجاية .
فعلت ما أمرني به و قابلت الشيخ في الخميس التالي

‏مساء الخير يا شيخ .

‏مساء الخير أخبارك إيه يا عادل .

‏كويس الحمد لله .

‏يا عم الشيخ النهارده و أنا بصلي الفجر ، فجأة لقيت عنكبوت كبير بيجري ناحية رجلي ، طلعت من الصلاة و دوست عليه موته .

‏اقرا الفاتحة ، و هات المبخرة دي و حطها ما بين رجليك .
فعلت ، ثم وضع ورقة في المبخرة فاحترقت و قال
بص يا أستاذ عادل إنت هتحط ال ١٢ شمعة دول في ١٢ طبق صيني أبيض و هتولعهم و ترصهم على شكل دايرة و تنام في وسطهم .
و ظل يقرأ ، و أنا أشعر بالنعاس و أتثائب .
انتهى من القراءة و انصرف و انا جالس في الوسط بين الشموع المشتعلة حتى انطفأت جميعا .
انتهت جلسة الصلح على حد قوله ولا اعلم هل هذه التميمة ستفى بالغرض و تمنع عني السحر والاعمال .
الآن و بعد ثلاث سنوات قررت التخلص تلك التميمة و ما زال النيل يجري و يحمل معه خطايا البشر .