تنوين الأعلام ….د.وجيهة السطل
تنوين الأعلام ….د.وجيهة السطل
أسعد الله مساءكم…
■ نصّ النحاة على أن التنوين من علامات الأسماء. وله أنواع عدة.منها تنوينٌ يفيد التنكير في الأسماء المعربة، وسموه التنوين الأمكن.
ومن الثابت أن الأعلام من المعارف، والتنوين لا يلحق أحدًا من أسر المعارف سواه. فما قصته مع التنوين؟ . وما سرّه؟ وكيف يتفق مع أن العلم معرفة؟
سؤال طرحه على هامش منشور لي، الشاعر القدير: محمد عبد الرحمن كفرجومي.
وأقول مستعينة بالله متوكلة عليه:
■صحيح أن التنوين من علامات الاسماء، ولكن ما كل تنوين يعني التنكير. فإن للتنوين دلالات عدة. صنفها النحاة مع التنكير ثماني، وأضفت إليها تنوين التنغيم.
كذلك فقد يدل التنوين على تنكير أعلام المعرفة في المعنى. فكيف يكون ذلك؟
■العلم أصله التعريف؛ لأن المُسمّيَ أطلقه على مُسمّى معين ليُعرف به، ويتميز عن غيره عند النداء عليه أو الحديث عنه.
وقد يُسمّى كثيرون بذاك الاسم . فكأن الدلالة على كثيرين، جعلتهم بالمشاركة عمومًا نكرات. ولكنّ كلّا منهم علمٌ ومعرفة لمخاطب معين..
وحين صار عامًّا، أشبه أسماء الذات، كولد وغصن ونحوه، مما له جماعة؛ فإن نادى المتكلم قاصدًا واحدًا منهم، والمخاطب يعرف أنه المقصود، فهو معرفة. وإن أوردَه على أنه واحد من جماعة لا يعرفه أحد، فهو نكرة. وذلك في المعرب والمبني معًا، والتنوين معهما تنوين تنكير .
نقول: ليس كلُّ سيبويهٍ سيبويهِ العالمَ. فتنوين الأول لتنكيره. كما نقول: ليست كلّ عائشةٍ أمَّ المؤمنين. فالتنوين أخرج العلَمَين من المعارف ، وأدخل كليهما المبني والمعرب في
أسرة النكرات،
كذلك فإنّ ما حقه المنع من الصرف للعلمية والعجمة، يمنع إن كان معروفًا للمخاطب والمتكلم. وينوّن للتنكير إن كان مجهولًا. نحو قولنا: إبراهيمُ الخليل أبو الأنبياء. وكم من إبراهيمٍ بين البشر. وتعدل، وكم من اسم مثل هذا بين البشر.
وقد وردت في القرآن الكريم أعلام معروفة عربية غير أعجمية، ولحقها التنوين . نحو قوله تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ…..}٢٩: سورة الفتح.
وقوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ} الأحزاب: ٣٧
■ (أل) لا تفيد التعريف إلا إذا كانت للعهد الذهني أو الحضوري أو المذكور في الجملة سابقا.
■وكما أنّ (أل) في الإضافة اللفظية، لا تفيد تخصيصًا ولا تعريفًا، لذا صحّ أن ننعت بها النكرة. فنقول: مصر دولةٌ عريقةُ الحضارة.
و هذا عالمٌ ذائعُ الصيت
ونعرب كلًّا من: عريقة، وذائع نعتًا للنكرة قبلها.
فإنّ لها معانيَ أخرى..
منها «ال» الداخلة على
الأعلام المصروفة المأخوذة من المصادر أو المشتقات أو أسماء الذات نحو: فضل، نجاح، شمس،هيثم، جبل. أو خالد ،معروف، محمد، وجميل وأكثم.
وتسمى للمح الأصل، أي أن العلم يبقى حاملًا معنى الأصل وصفاته اللغوية، أي يقبل دخول (أل )عليه. فنسمّي: الفضل، الرشيد، المأمون، المعتصم، الفاروق، المنتصر، الهيثم.
وتسمى للمح الصفة الأصلية في الاسم تيمُّنًا بمعناها.
كذلك فكلّ الأعلام
إذا تخصصت، وجب تنوينها. أي تصرف. ما لم تكن هناك علة أخرى مع العلميّة تمنعها من الصرف، من تلك العلل الست التي عدّها النحاة وهي: العجمة، والتأنيث الحقيقي واللفظي، والعدل، ووزن الفعل، والختم بألف ونون زائدتين.
ومن تخصيص العلَم ذكر نسبه. وقد وقف النحاة حيارى في تفسير اسم عليٍّ -كرم الله وجهه- غير منوَّن (عليُّ بن أبي طالب) لأنه واجب التنوين. وخصص بذكر بنوّته لأبيه. فقالوا: حذف التنوين تخفيفًا.
■وخلاصة القول:
إن العلم هو المعرفة الوحيدة التي يمكن أن يلحقه التنوين ويبقى معرفة؛ وذلك للمح الأصل اللغوي أيضًا،وهو الاسم المصروف القابل للتنوين من مصدر أو ذات أو مشتق .
فاللغة التي أتاحت لنا إدخال (أل )عليها للمح الأصل،؛ هي التي أراها قبلت إلحاق التنوين على الأعلام المصروفة. ونسميه أيضًا التنوينُ للمح الأصل أو الصفة.
وهذا ما جاءت به لغة العرب في القرآن الكريم. وفي أقوال العرب وأشعارهم
شكرًا لمتابعتكم
وللجميع تحياتي
التعليقات مغلقة.