ثق بالله… سامى حنا
ثق بالله…
سامى حنا
منذ زمان ، من حوالي 40 سنة ، أيام الرسائل و الخطابات العادية وطوابع البريد التي انتهى زمانها الان تقريباً ، في تلك الايام كنت هاوي مراسلة باللغة الانجليزية وهناك رسائل كانت ثمينة جدا منها هذه الرسالة وكانت من صديق أمريكي أكبر مني بكتير وبيحكي عن نفسه في رسالته وبيقول : كنت أسيراً لأحزاني وكانت طبيعة شخصيتي هي الحزن الدائم والاكتئاب رغم أن لي أسرة سعيدة ، وجاءت الحرب العالمية الثانية وتم تجنيدي في الجيش وذهبت للحرب في اليابان وهناك سقطت أسيراً في أيدي اليابانيين وكانوا هؤلاء قساة في تعاملهم معنا ولم يعطونا إلا القليل من الطعام واظلمت الدنيا في وجهي وازددت حزن على حزني ، لكن كانت هناك مفاجأة في انتظاري وهو وصول اثنين من الاسرى للانضمام لنا ، ودول كان لهم حكاية غريبة جداً ، وهي انهم في وسط هذا الجو الكئيب كانا مبتسمان ومرحان وكلنا احترنا لامرهم ولم تؤثر قسوة الحياة في المعتقل في مشاعرهما . رحت لهم واتكلمت معاهم من فرط استغرابي من تصرفاتهم ، وقولت لهم ايه الحكاية مالكم مبسوطين ليه ؟ قالوا هات دولار ، وكانت معنا بعض الدولارات القليلة ونظر احدهما إلى الدولار وقال ما ذا ترى هنا من الكلمات ؟ قلت : ارى عبارة نحن نثق بالله . إذن الخلاصة ثق بالله وخليها على الله ، واضربها صرمة تعيش مرتاح ، ويلا بينا نغير الوضع اللي احنا فيه ، وقاما بتكوين جماعات صغيرة في المعتقل من الأسرى ، فرقة للغناء من غير ألات موسيقية ، فرقة للرسم على الارض ، فرقة للنظافة وفرقة للمشورة النفسية وبدأت انضم لهم ووجدت أن خدمة الأخرين هي كنز ثمين ، وتلاشى حزني تدريجيا وكان شعارنا جميعا العمل من أجل الغير ومن أجل الخير . وانتهت الحرب فجأة مع اليابان وانقلبت الموائد، واصبحنا نحن المعتقلين حراساً واصبح الحراس أسرى وراح اليابانيون يتوقعون منا الانتقام ولكن كلنا قررنا عدم الانتقام ونشر ثقافة التسامح وتلاشى حزني تماماً وعدت إلى عائلتي إنسان جديد ، كل هذا حصل بفضل الناس الايجابيين المملؤين بالايمان بالله و بأن الغد افضل ، نعم بعض الناس هم دواء وعلاج للأحزان .
التعليقات مغلقة.