ثلاثية .. “الرأس والنهر” .بقلم.احمد عثمان
انقطاع
توقّف حين توسط الجسر، ارتكن إليه .. شغفه انسيال النهر، سافرمعه يستنطقه، لم يقنع بظاهِرِه، أرسل رأسه تستجلي خباياه .. طال مُقامه جامدًا ـ كما تمثال مجذوذ الرأس ـ ينتظر إيابها بحقيبة الأسرار .. على مرمى البصر ـ في درب عودتها ـ لمحها تقاوم التيار .. تصارع جاهدة .. لما فرغت خزائن طاقتها؛ همدت طافية، محاطة برُغائها ..
تتوالى القرون؛ ومازال العابرون يرونه ـ في سكنته ـ غلافاً ظاهر الأناقة، خاويًا إلا من هواءٍ فاسدٍ يُزكم الأنوف يرتع داخله ..
مُقارعةٌ
استدار يعاتب النهر: خِلتُكَ سفيني، وأنا قبطانك؛ لكنك تشبَّثت بمرساتك .. ما كنت لأُرسل رأسي لو كفيتني .. يا لك من متخاذل..
انتصب الجسر يقارعه بلسان شامت:
ـ أرسلته أم فرَّ من ضلالاتك وسخافاتك؟! .. ما عاد يحتمل، تحرر من قيدك، ألقى بنفسه في براح النهر؛ يطلب الطُّهر، ويروي ظمأ فضوله من أسرار حكمته ..
أومأ إليه ـ في حديثهما ـ وهما يمضيان:
ـ على هيئته تلك؛ يقف من قديم، يُمنِّي النفسَ برأس جديد يوافقه
خُلع
.. بعدما انفصلت عن قاعدتها؛ دارت تأزُّ حوله، وانطلقت .. في صعودها خلعت عنها غطاءها، طوَّحته في غيابة بيدائه؛ وركبت النهر .. في فضائه يتردد صوتها:
ـ سأتركك هنا لأرض الجيَف .. أما أنا فسأغتسل وأصعد إلى عالمي الذي يعرف قدري .. سئمت خُيلاءك أيها الطاووس .. هذه جنتك؛ خُذها، وحرر قيدي ..
بيدٍ كسيرةٍ يستعطفها:
ـ عودي .. لا أحتمل هجرانك .. بدونك أصبح لا شئ
.. انتشلوها بعدما سكنت طافية .. بعد الفحص؛ جاء بالتقرير: ” عطبٌ ناتج عن سوء استعمال”
التعليقات مغلقة.