جران الناقة.بقلم.مدحت رحال
في قصيدة لي عن قصة مثل قلت في شطر بيت :
ألقت جرانها .
تساءل البعض ما معنى الجران .
سأببن ذلك بمثال عملي ليزداد مفهوم العبارة وضوحا .
الجران : هو باطن عنق الناقة
قدم رسول الله عليه الصلاة والسلام إلى المدينة مهاجرا بعد أن
أذن الله سبحانه وتعالى له بالهجرة ، إثر ازدياد إيذاء قريش له
عليه الصلاة والسلام ،
وخاصة بعد موت زوجه / خديجة بنت خويلد رضي الله عنها ،
وعمه أبي طالب
فقد كانت خديجة الواحة التي يفيء إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيجد عندها السكينة والتخفيف والدعم والتشجيع .
وكان أبو طالب هو السيف المنافح عنه عليه الصلاة والسلام ،
فقد قال له أبو طالب :
إذهب فقل ما شئت ، فوالله لا أسلمك أبدا .
خرج الرسول عليه الصلاة والسلام برفقة الصٍديق ميمما وجهه شطر يثرب ،
وكان هذا هو اسمها قبل أن يهاجر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتضيء جنباتها بنوره وتصبح :
( المدينة المنورة )
دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم راكبا ناقته القصواء ،
وقد ألقى خطامها على عنقها .
وتلقاه المدينة بالفرح والأناشيد ،
ويتسابق كبار القوم ، كل يأخذ بخطام الناقة ويقول :
يارسول الله ،
هلم حيث المنعة والقوة ،
والرسول يقول :
دعوها فإنها مأمورة ،
وتسير المدينة تواكب الناقة ،
أي البيوت سينال شرف استضافة رسول الله عليه الصلاة والسلام ؟
وتبرك الناقة أمام أحد البيوت ،
تتململ ثم تنهض وتمضي ،
خطامها على عنقها والرسول يقول :
دعوها فإنا مأمورة .
ومضت الناقة ومضت معها القلوب ،
وصلت بيت أبي أيوب الأنصاري ،
توقفت ، ودارت حول نفسها ، ومضت قليلا ،
ثم عادت وبركت ، وقامت ثانية ،
ثم عادت إلى نفس المكان وبركت ،
( والقت جرانها )
وهنا أسرع أبو أيوب ياخذ رحل رسول الله ويدخله بيته وهو يكاد يطبر فرحا أن اختاره الله ليكون أول منزل ينزله رسول الله في المدينة .
وكان ( القت جرانها )
إشارة إلى أن هذا المكان هو المكان الذي اختاره الله سبحانه وتعالى لرسوله الكريم أن ينزل فيه .
وكان ذلك شرف وأي شرف حظي به أبو أيوب الأنصاري .
ألقت الناقة جرانها :
مدت عنقها والتصق جرانها بالارض ،
واستحكمت وتمكنت في بروكها فلا تنهض .
من هنا قالوا :
ألقى الرجل جرانه ، أي تمكن من الأمر واستحكم فيه ،
ألقى الإسلام جرانه ، أي ثبت وتمكن في الأرض التي دخلها
واستتب له الامر .
مدحت رحال،،،
التعليقات مغلقة.