جريمةُ حُبُ في البلاطِ المَلَكي بقلم / د. صبحي زُردُق
متى يتحول الحبُ الرومانسي إلى جريمة كاملة الأركان ؟ قبل أن نجيب على هذا التساؤل يجب أولاً أن نتعرف سوياً على بعض المعايير و التعريفات التى وضعها العِلم الحديث في هذا الشأن..
أولاً : ما هو الاستغلال الجنسي Sexual abuse؟ علمياً هو أي استغلال فِعلي أو الشروع في الاستغلال في موقف ضَعف للضحية أو قوى متباينة أو عبر ثقة ، بغرض اللذة الجنسية.
ثانياً : ما هو الاعتداء الجنسيSexual assault؟ علمياً إنه أي نشاط جنسي فِعلي أو تهديد لأجلِه عن طريق استعمال القوة أو تحت ظروف غير متكافئة أو قسرية ( اجبارية).
مع العِلم بأنه تماشياً مع معايير الأمم المتحدة للسلوك ، يجب على موظفي مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وشركائها من المنظمات غير الحكومية
عدم ممارسة النشاط الجنسي مع أي شخص مقابل المال أو التوظيف أو المعاملة التفضيلية أو السلع أو الخدمات .
نعود الآن إلى موضوعنا: جريمة حُب في البلاط المَلَكي .. عن حُب زُليخة امرأة العزيز لخادمها المستضعف يوسف عليه السلام أتحدث .. فهو الحُب الذي قد ملأ قلبَها حتى الشِغاف و الشغاف هو غلاف القلب المحيط به ، قال تعالى ( قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا)يوسف ٣٠ .. و قد لا تُلام زُليخة على حبِها الغامر ليوسف فائق الجمال و الذي قال عنه النبي – صلوات الله عليه- أثناء رحلة الإسراء و المعراج ( .. فَإِذَا أَنَا بِيُوسُفَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا هُوَ قَدِ اُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ…) رواه مسلم .. و لكن ما تُلام عليه حقاً هو ما آل إليه هذا الحب من جرائم إنسانية نكراء ، و المتمثلة فيما يلي :
١- جريمة الإستغلال الجنسي Sexual abuse من خلال استضعافها لموقف يوسف كخادم لديها ، عليه تنفيذ ما تطلبه سيدته منه دون نقاش و إن كان محظوراً و إلا فالطرد من العمل في القصر أو السجن هو المصير .. إنه قمة الإستضعاف المُهيء للإستغلال.. قال تعالى (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ )يوسف ٢٣
٢- جريمة الشروع في الإعتداء الجنسي على يوسف عليه السلام بالقوة Sexual assault ، و ذلك عندما غَلَّقت جميع الأبواب بإحكام حتى لا يُفلِت من قبضتِها كضحية ، قال تعالى ( وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ) يوسف ٢٣ .. و أيضاً عندما قَدَت قميصَه من دبرٍ كوسيلةٍ لمنعه بالقوة من الهرب ( (وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ) يوسف ٢٥ .. ثم من خلال التهديد العَلني أمام النِسوة بإداعِه السجن أو أن يكون من الصاغرين الأذلاء إن لم يحقق ما تريد منه جنسياً .. قال تعالى ( وَلَئِن لَّمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ (32) يوسف
٣- جريمة الكذب و الإتهام الباطل ليوسف البريء الطاهر – عليه السلام- بأنه هو من حاول الإعتداء عليها جنسياً و ليست هى ، و ذلك عند اكتشاف زوجها الملِك للأمر بنفسه ..قال تعالى ( وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ ۚ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلَّا أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25) يوسف.
٤- جريمة الخيانة الزوجية لزوجها الملِك من خلال تحرشها الجنسي بخادمها الذي اشتراه هو بثمنٍ بخس دراهم معدودة ليتخذه ولداً أو ينفعه كخادم و ليس لغرضٍ غير ذلك ..
و أخيراً قد علمنا الآن – مما سبق- الإجابة على سؤال : متى يتحول الحب الرومانسي إلى جريمة ؟ و ذلك من خلال الأدلة القاطعة التى وردت في قصة عظيمة في كتابٍ لا ريب فيه هى قصة حب امرأة العزيز الجنوني ليوسف -عليه السلام- العفيف المُستعصم ..
و لا ننسى أيضا أنه يتحول إلى جريمة أينما حدث خارج نطاق الشرع الإسلامي الحنيف مثل معاقرة” فاحشة الزنا ” التى تحدث برضا الطرفين ..
أعاذنا الله و إياكم من ذلك جميعاً .
التعليقات مغلقة.