جهاد النبي وأصحابه..
بقلم/ مجدي سالم
الجزء الثاني.. ما تعرض له الصحابة من الأذى.. .. ما لاقاه أبو بكر الصديق.. بقية..
ب.. الدروس والعبر والفوائد..
1- حرص أبي بكر على إعلان الإسلام.. وإظهاره أمام الكفار.. وهذا يدل على قوة إيمانه وشجاعته.. وقد تحمل الأذى العظيم حتى إن قومه كانوا لا يشكون في موته.
2- مدى الحب الذي كان يكنه أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم.. حيث إنه- وهو في تلك الحال الحرجة- يسأل عنه ويلح إلحاحًا عجيبًا في السؤال.. ثم يحلف ألا يأكل ولا يشرب حتى يراه.. كيف يتم ذلك وهو لا يستطيع النهوض بل المشي؟ ولكنه الحب في الله.. والعزائم التي تقهر الصعاب.. وكل مصاب في سبيل الله ومن أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم هين ويسير.
3- إن العصبية القبلية كان لها في ذلك الحين دور في توجيه الأحداث والتعامل مع الأفراد حتى مع اختلاف العقيدة.. فهذه قبيلة أبي بكر تهدد بقتل عتبة إن مات أبو بكر..
4- الحس الأمني لأم جميل – رضي الله عنها – فقد برز في عدة تصرفات لعل من أهمها..
. إخفاء الشخصية والمعلومة عن طريق الإنكار..
عندما سألت أم الخير أم جميل.. عن مكان الرسول صلى الله عليه وسلم أنكرت أنها تعرف أبا بكر ومحمد بن عبد الله.. فهذا تصرف حذر سليم.. إذ لم تكن أم الخير ساعتئذ مسلمة.. وأم جميل كانت تخفي إسلامها.. ولا تود أن تعلم به أم الخير.. وفي ذات الوقت أخفت عنها مكان الرسول صلى الله عليه وسلم مخافة أن تكون عينًا لقريش..
. استغلال الموقف لإيصال المعلومة..
فأم جميل أرادت أن تقوم بإيصال المعلومة بنفسها لأبي بكر.. وفي ذات الوقت لم تظهر ذلك لأم الخير إمعانًا في السرية والكتمان.. فاستغلت الموقف لصالحها قائلة.. «إن كنت تحبين أن أذهب معك إلى ابنك فعلت».. وقد عرضت عليها هذا الطلب بطريقة تنم عن الذكاء.. وحسن التصرف.. فقولها.. «إن كنت تحبين» وهي أمه وقولها.. «إلى ابنك» ولم تقل لها.. إلى أبي بكر.. كل ذلك يحرك في أم الخير عاطفة الأمومة.. فغالبًا ما ترضخ لهذا الطلب.. وهذا ما تم بالفعل.. حيث أجابتها بقولها.. «نعم» وبالتالي نجحت أم جميل في إيصال المعلومة بنفسها..
. استغلال الموقف في كسب عطف أم أبي بكر..
يبدو أن أم جميل حاولت أن تكسب عطف أم الخير.. فاستغلت وضع أبي بكر.. الذي يظهر فيه صريعًا دنفًا.. فأعلنت بالصياح.. وسبَّت من قام بهذا الفعل بقولها.. «إن قوما نالوا هذا منك لأهل فسق وكفر» فلا شك أن هذا الموقف من أم جميل يشفي بعض غليل أم الخير.. من الذين فعلوا ذلك بابنها.. فقد تكن شيئًا من الحب لأم جميل.. وبهذا تكون أم جميل كسبت عطف أم الخير وثقتها.. الأمر الذي يسهل مهمة أم جميل في إيصال المعلومة إلى أبي بكر..
. الاحتياط والتأني قبل النطق بالمعلومة..
لقد كانت أم جميل في غاية الحيطة والحذر.. من أن تتسرب هذه المعلومة الخطيرة عن مكان قائد الدعوة.. فهي لم تطمئن بعد إلى أم الخير.. لأنها ما زالت مشركة آنذاك.. وبالتالي لم تأمن جانبها.. لذا ترددت عندما سألها أبو بكر.. .. عن حال رسول الله صلى الله علي.. ه وسلم فقالت له.. «هذه أمك تسمع؟» فقال لها.. لا شيء عليك منها.. فأخبرته ساعتها بأن الرسول صلى الله عليه وسلم سالم صالح.. .. وزيادة في الحيطة والحذر والتكتم لم تخبره بمكانه.. إلا بعد أن سألها عنه قائلا.. أين هو؟ فأجابته.. هو في دار الأرقم..
. تخير الوقت المناسب لتنفيذ المهمة..
حين طلب أبو بكر الذهاب إلى دار الأرقم.. لم تستجب له أم جميل على الفور.. بل تأخرت عن الاستجابة.. حتى إذا هدأت الرِّجل وسكن الناس.. خرجت به ومعها أمه يتكئ عليهما.. فهذا هو أنسب وقت للتحرك وتنفيذ هذه المهمة حيث تنعدم الرقابة من قبل أعداء الدعوة.. مما يقلل من فرص كشفها.. وقد نفذت المهمة بالفعل دون أن يشعر بها الأعداء.. حتى دخلت أم جميل وأم الخير بصحبة أبي بكر إلى دار الأرقم.. وهذا يؤكد أن الوقت المختار كان أنسب الأوقات.. .
. قانون المنحة بعد المحنة.. حيث أسلمت أم الخير أم أبي بكر.. بسبب رغبة الصديق في إدخال أمه إلى حظيرة الإسلام.. وطلبه من الرسول صلى الله عليه وسلم الدعاء لها.. لما رأى من برها به.. وقد كان.. حريصًا على هداية الناس الآخرين فكيف بأقرب الناس إليه.. نكمل غدا إن شاء الله..
التعليقات مغلقة.