جونجا دين …د.أحمد دبيان
جونجا دين …د.أحمد دبيان
جوزيف رديارد كيبلنج ، صحفى ، شاعر ، وقّاص بريطانى .
كان بريطانياً مخلصاً لسياسات بلاده الاستعمارية ،بالمناسبة هو صاحب كتاب الغابة.
Jungle Book
وشخصية موجلى فتى الغابة .
كيبلنج وأثناء المد الاستعمارى الامبراطورى كتب قصيدة ملحمية
Epic
اسمها
Gunga Din
جونجا دين ،
جونجا دين قصيدة رثاء وتأبين ، لسقاء هندى ، ساعد الجيش البريطاني ، وقاتل الوطنيين الذين كانوا يقومون بهجمات فدائية على ثكنات الجيش البريطاني ، والذين صورهم كيبلنج فى القصيدة على انهم عبدة كالى وأنهم فى ممارساتهم الطقسية يقدمون قرابيناً بشرية من الأسرى .
أثناء قتال جونجا دين لمواطنيه فى صف البريطاني ، أصابته رصاصة ، صرعتهُ فأمر القائد البريطاني بدفنه كجندى بعد ان امر بترقيته لجندى برتبة نَفَر .
جونجا دين كقصيدة فارقة كاشفة هى نموذج استعمارى ، لعملية استلاب ثقافى وعيي ،
جونجادين ك
Prototype
فكرى ، نواة لخلق طبقة متعاونة ، يتم إجزال العطاء لها وتمجيدها ، تمهد لسيطرة المستعمر وترسخ له وتمجّده .
هذه الطبقة الكومبرادور المبكر بتلميعها وصقلها ادبياً واعلامياً هى الطبقة التى اعتمد عليها الاستعمار ولا يزال كنقاط ارتكاز لتدخلاته واستلاباته الفكرية و الاقتصادية .
جونجا دين ، تم تطويعه وتطويره ،
ليتحول لصنع كيانات ، تحت رعاية المستعمر ، فى الهند ومصر كجوهرتى التاج البريطاني .
نشأت القاديانية والبهائية وجماعات الاسلام السياسى تحت رعاية الاحتلال البريطاني.
وبينما رسخت القاديانية والبهائية لمبدأ لا عنف دينى يحتاجه المستعمر ليخترق دافع مقاومته .
جاءت بدايات جماعات الاسلام السياسى والنموذج الأم لها جماعة الاخوان ،تحت رعاية المستعمر ، عام ١٩٢٨ وتحت زعم عودة خلافة لم تكن الا خلافة مدجنة منذ أجلت القوى العظمى ولما يقرب من قرنين تقسيم ميراث الرجل المريض .
كان التمويل الاول للإخوان بمبلغ خمسمائة جنيها استرلينيا من مكتب المخابرات البريطانية بالإسماعيلية .
عام ١٩٢٨ كانت تسع سنوات قد مضت على اندلاع ثورة ١٩١٩ .
ومنذ اكتساح الوفد كممثل للطبقات الشعبية ، قبل ان يتم السيطرة عليه ليكون ممثلاً للرأسمالية والإقطاع .كان الحل لدى الملكية المولودة تحت جناح المحتل ورعايته ، والمحتل المسير والمسيطر على أمور المحروسة ان يحلحل هذا المد الشعبى الجارف ،
بعد اغتيال السير لى ستاك وطرد التواجد الشكلى للجيش المصرى فى السودان وإجبار سعد زغلول على الاستقالة بعد انتهاء دوره فى اجهاض المد الثورى الجارف بلا عنف الواقعية السياسية ، بقى الرديف الشعبى للوفد صارخاً، فكان الحل استخدام الدين فى سحب البساط من الوفد .
الإخوان صنيعة القصر وصنيعة الاحتلال ، هم جونجا دين المحروسة.
تم رسم بطولات وهمية لهم ، بل ولزوم التمرير واختراق الوعى لم يستنكف المستعمر على الترويج انهم كانوا من قوى المقاومة ضده .
حين قامت ثورة ٢٣ يوليو ، استخدمهم الانجليز وفى أوج مفاوضات الجلاء ليخترق بهم الجبهة الوطنية ، المتماسكة.
بعد اشتداد الضربات الأمنية على الإخوان كذنب للمستعمر وخصوصاً بعد اعتقالات تنظيم ١٩٥٤ ، دعمهم الغرب خارجياً وكان التأبين لهذا النشاط لقاء سعيد رمضان زوج ابنة حسن البنّا ، بالرئيس الامريكى أيزنهاور ، وافتتاح المركز الإسلامى بميونيخ كمركز استخبارات وتجنيد متقدم .
سعيد رمضان والد المتهم بالتحرش الجنسى طارق رمضان ، والذى عمل سكرتيراً لفترة لأبو الأعلى المودودى ، احد اهم منظرى الاسلام السياسى والجماعة الاسلامية فى الهند كما ساهم رمضان فى تكوين جماعة الاخوان بالأردن .
حين قامت الحكومة الوطنية الوحيدة المنتخبة دستورياً فى الأردن برئاسة سليمان النابلسى كان الاخوان اكبر داعم للملك فى صراعه مع النابلسى وكانت الإقالة والتشويه .
فى المغرب ومع صراع الملك هناك مع اليسار ممثلاً فى المهدى بن بركة ، كانت جماعة الاخوان اكبر داعم وملمع للملكية ، حتى مع اغتيال بن بركة واذابته فى الحمض على يد جنرال الملك القوى اوفيقير .
لا نستغرب كثيراً حين نعلم ان المغرب كان واحداً من اهم مرتكزات اتصالات الموساد ، منذ الستينات ، ولا نتعجب حين نعلم ان المغرب كان واحداً من أركان نادى السفارى المشبوه ، ولا تثيرنا الدهشة حين نعلم ان الاتصالات السرية المنسقة لمعاهدة كامب ديفيد كانت تتم فى المغرب بين مسئولين مصريين واسرائيليين وبرعاية الملك نفسه .
جونجا دين كما قلنا هى حالة كومبرادورية من الاستلاب يتم فيها تمجيد الخونة وإسباغ البطولة عليهم ، ويتم فيها الاغتيال الجسدى والمعنوى والتاريخي لكل الأبطال الوطنيين .
التعليقات مغلقة.