جَلْسَةُ صُلْحٍ بقلم حبيبة سلام
أحْتارُ كثيراً بين قلبي وعقلي.. فأنا إنسانٌ.. رومانسيُ العَقلِ ذو قلْبٍ مُتَعَقِّل…
لدَيَّ الكثيرُ ولكِنِّي أَحْسِبُ للكلِمةِ ألفَ حِسابٍ…
أحياناً تحدُثُ معركَةٌ بين جناحيَّ؛ عقلي وقلبي. وتدورُ مشاداتٌ بيْنهِما فأحتارُ.. وأجِدُني أُخيَّرُ بينهِما فلا أقدِرُ أنْ أخْتارَ..
- أُخيِّرُ عقلي فيقولُ:
هاودني مرةً وتعقَّل، خُذْ بكلامي، قلبُكَ هذا سيُضيِّعُكَ
فأقولُ:
وأنتَ.. أتُراكَ ستترُكُني وَحْدي؟!.. هل تعني أنْ تتخلَّى عنِّي؟!
فيُجيبُ العقلُ:
وما عسايَ إذاً أنْ أفعَلَ فلَقَدْ نبهْتُكَ آلافَ المراتِ لكنَّكَ لا تُلقي بالاً. تأبىٰ أنْ تستمع إليََّ، وترفضُ دوْماً صوتَ العقلِ فالأمرُ إليكَ إذاً…
فأحتارُ……..
ماذا أفْعَل؟ فأنا في حَيرَةٍ مِن أمْري.. أحْياناً أجِدُ كلامَكَ عينَ الصَّحِ، ولكِنِّي كثيراً مّا أجِدُ القلبَ علىٰ حقٍ، وأجِدُ الرَّاحَةَ في رَأْيهِ…
فيرُدُّ العقلُ: (وقد أوشَكَ أنْ يستسلِمَ من فرطِ اليأسِ )
لا بأسَ…..
اترُكْني إذاً واتَّبِعْ هواهُ، ولكِن لا تأْتي يوْماً تشْكيه إليَّ…
يخْتَلِجُ شُعورٌ بالرَّاحَةِ في صدْري حينَ أُحاوِرُ قلبي:
إيهٍ يا قلبى؟!؛ خبِّرْني باللهِ عليْكَ فإني احتَرْتُ معَكَ.. فكثيراً ما قرَّرْتُ بألَّا أتبَعُكَ وأراكَ تكادُ تضيِّعُني فأُقرِّرُ ألَّا أُجيبَ نِداءَك، وأهْرُبُ مِنكَ. لكِنْ أهْرُبُ مِنكَ إليْكَ…
فيُجيبُ القلبُ: (في زهوِ المنتصِرِ الفاتِحِ)
ألمْ أُخبِركَ يا صديقي أنَّكَ لن تستغْني عنِّي؟!، وأنَّك حَتْماً ستعودُ إليّ؟! فبِدوني لا يحيىٰ كائِنُ حيُّ…
فأُجيبُهُ في الحالِ:
واللَّه إنِّي أراكَ تقولُ الحقَ، فحديثِك ذُو وقعٍ في نفسي؛ أجِدُهُ لطيفاً كنَسيمٍ في حَرِّ الصيفِ… لكنِّي أيضاً لا أستغْني عنهُ فالعقلُ كثيراً يُنقِذُني حينَ يجِدُّ الجَد…
أشعُرُ بالضْيقِ حينَ يُجيبُ القلبُ:
لا تحْتار؛ فَقَطْ وجَبَ عليك أنْ تخْتارَ.. إمَّا أنا أوْ هُو.. فأمَّا عنِّي؛ فَدَعْني أُخبِرُكَ بِشأْني:
عقْلُكَ هذا دَوْماً يتربَّعُ في حلْقي، و لا أُطيقَ لهُ كلِمةً فكثيراً مَّا حرَّضَكَ عليَّ..
فأتعجَّبُ وأقولُ له:
حقاً أُدْرِكُ أنَّ حديثَ العقْلِ شديدٌ دوْماً وكثيراً مَّا يُوصَفُ بالقسوةِ؛ لكنَّهُ في الغالبِ أصْلحُ فهُو الأأمَنُ والأرْجَحُ….
ويضيقُ القلبُ ذرعاً بكلامي ويكادُ يُسَلِّمُ .. فيرُدُّ عليَّ:
إذاً فانْظُر ماذا تقْضي..
فأجيبُ عليهِ: (وقدْ عقدْتُ النيَّةَ)
إني خُيِّرتُ وَوَجَبَ عليَّ أنْ أختارَ؛ لكنِّي احتَرْتُ ما بينَ رفيقين اخْتَلَفا.. وأنا إِنسانٌ بين القلبِِِ وبيْنَ العقلِ أَسيرُ، لا يُمكِنَ أبَداً أنْ أبقىٰ لأحَدِهِما أسيراً..
فأخَذْتُ الوقتَ وفكَّرْتُ، ثُمَّ أخيراً قرَّرْتُ:
أنْ أعْقِدَ بينَكُما جلسةَ صُلْحٍ…..
حبيبة سلام
التعليقات مغلقة.