موسوعه أدبية شاملة

teen spreads her legs for jock.https://fapfapfaphub.com

” حجاب “محمود حمدون

496

” حجاب “محمود حمدون

====

للحاج عبد الكريم , دعوة لا تُردّ , فبينه وبين السماء حبلًا متصلًا خافيًا علينا , رأيته قبل ثلاثين عامًا بسمته الرقيق وبنيته الجسدية الضعيفة الأقرب لمريض بعلّة مزمنة , صغير الجسد حتى لم ألحظه بين الناس إلاّ عندما وجدتهم يُفسحون الطريق لقادم يتعثر بخجل طبيعي بين أرجلهم, بجلبابه المهندم وشعر رأسه الحليق وذقنه الخفيفة ..

” عبد الكريم ” ستيني العمر , حلّ بنا كنسمة رقيقة بليلة صيفية قائظة , لا يتحدث كثيرًا لكنه يرقب تصرفات الصبية ويتابع تشجيع الزبائن بالمقاهي الصغيرة لمباريات كرة القدم ,قد علمنا منذ فترة كراهيته للفرق الرياضية المحلية وإيثاره لمباريات الدوري الأنجليزي وقد راجعته في هذا الشأن كثيرًا فكان يلوي عنقه ويزم شفتيه ويرد بعبارة صارت خالدة من كثرة ترديدها : القلب وما يريد .

هو رجل صالح , لا يشاركنا لهونا , لم أره يندفع لشجار بين أهل المكان , كما لم يحضر جلسة ” عُرفية ” للحكم ظُلمًا على فقير لصالح قوي , فإن استشرى الجور في الأفق , لاذ به الضعيف وتمسّك بجلبابه الرقيق ,يذكّره بأنه : ليس بينه وبين السماء حجاب أو باب مغلق , فيستمع الشيخ له بجوارحه فإن اقتنع بقضيته وآمن بعدالة ما يبغيه الرجل , هُرع ” عبد الكريم ” لبهو بيته الذي يقع على أطراف المدينة , يتلفّت حوله وهو فاتح ذراعيه وعندما يستقر فؤاده يُطلق دعوته التي لم تخب مرّة أبدًا ..

عاصرت دعوات كثيرة للشيخ , رأيتها تتحقق بعد ساعات أو أيام أو شهور على أقصى تقدير , بليلة منذ خمسة سنوات مضت , رأيته يشمّر يديه ويدعو : اللهم أهلك الظالمين بالظالمين , دعوة أطلقها دون مناسبة أو طلب .. لم يحدّد ظالمًا بعينه لم يسمّ أي منهم علي كثرتهم, أمر أقضّ مضجع الظلمة بالمدينة كلها , أثارت الدعوة حفيظة شيخ المسجد الكبير فصرّح برأي شخصي أن : إطلاق الدعاء على العموم قد يُبطل مفعوله , هدّأ من روع القوم قائلًا: لم أسمع منذ طوفان ” نوح ” أن تحققت دعوّة بالعموم ..كانت تلك إشارة منه بقصد أو بدون أن يهب القوم لحياتهم , فاندفعوا بأوديتهم فمنهم من ظلم ومنهم من ينتظر.. سنوات خمسة كاملة مضت على دعاء ” عبد الكريم ” وقد غاب الرجل كما يفعل واختفي من المشهد , بقيت بضعة ذكريات عنه ودعوة معلّقة في الأفق , بدت نُذرها .

التعليقات مغلقة.